الأحد، 2 مايو 2010

الأزمة المالية العالمية

{{يآيهـــــا الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنيــــــن .... {{صدق الله العظيم
الحمد لله خالق المصنوعات وباري البريات ومدبر الكائنات ومصرف الألسنة الناطقات ومفضل لغة العرب على سائر اللغات ، المنزل كتابه }} إنا أنزلناه قرآنا عربيا ... {{ والمرسل رسوله وحبيبه محمد صلــى الله عليه وسلم بها تنويها وتعريفا بعظم محلها وارتفاع مكانها .
أما بعد فقد وقع اختياري لهذا العنوان رغم أهميته وافتقار مكتبتنا الجامعية له وانعكاساته على اقتصادياتنا وكذلك زملائنا الطلبة الباحثين في الأزمات مستقبلا هذا من جهة ، ومن جهة ثانية لنخفف عبء تكاليف البحث المالية والجسدية على الباحثين من الطلاب ولنضعهم في لمحة عن أزمة من الأزمات المالية التي تعصف بالعالم فترة بعد أخرى ، و بما أن هذه الأزمة لم تكن هي الأولى من نوعها تعصف بالعالم فإني فخور بأنها هي الأزمة الأولى التي ستوضع داخل مكتبتنا الجامعية بعد أن تطرقت لنواحيها قدر المستطاع " أسبابها – تداعياتها – محاربتها " ، ومع اعترافي بأني لم أحيط إلا بقليل من كثير"قليل خير من لاشيء" من هذه الأزمة الشانقة التي تعصف بالعالم .
لم تكن هذه الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية هي الأزمة الأولى التي تواجه العالم فقد تعرض قبلها لمسلسل من الأزمات الدورية خلال المائة سنة الماضية ومن أشهر هذه الأزمات أزمة : 1876 – 1929 – 1971 – 1997 – 1998 – 2001 ، ومن أصعب هذه الأزمات أزمة 1929 التي تعرف بالكساد الكبير ، حيث كان العالم آن ذاك يعيش حقبة من الزمن منذ انبثاق الثورة الصناعية في أواسط القرن 18 وحتى حدوث ذلك الكساد الكبير 1929 وهاهو العالم اليوم يواجه أزمة مالية أخرى مماثلة لذلك لكساد إن لم تكن أكبر وأعظم ، والتي مازالت في بداية مسيرتها ، ويبدو أنها ستأخذ في أبعادها أكبر مما يتوقع الخبراء الاقتصاديين حيث أصبح بمقدورنا تسميتها باتسونامي الاقتصاد ، وذلك من خلال ما أتت عليه مبكرا من شركات صناعية ومؤسسات مالية عملاقة مثل المؤسسة المصرفية الأمريكية العملاقة ليمان ابراذرز "Lahman Brothers" في تاريخ: 15/09/08 ، ولا تعد هذه سوى بداية رمزية خطرة رغم أن هذه المؤسسة العريقة كانت من ضمن المؤسسات المالية العالمية القليلة التي أفلتت من الكساد الكبير ، كما أنها من أقدم المؤسسات المالية الأمريكية حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن 19 وقد أسسها مهاجرون ألمانيون ، ولا شك أن هناك مؤسسات مالية أخرى ستسير على درب ليمان ابراذرز ، وهذا ما أكدته تنبؤات ألن غريسبان " رئيس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي سابقا .

إذا هل أسباب هذه الأزمة خلل في هيكل النظام الاقتصادي الحر المسمى بالرأسمالية ؟ أم لها أسباب سياسية – اجتماعية جوهريا ؟ أم مالية – اقتصادية ظاهريا ؟ أم سببها يتمثل في بعدين مرتبطين ومتداخلين لا يمكن فهم أي منهما بمعزل عن الآخر ألا وهما : الصراع السياسي والاجتماعي الدائر على الساحة الأمريكية وصراع موازين القوى العالمية ؟؟؟!!! ، لذا حاولنا الإجابة على ذلك من خلال الفصل الأول الذي يضم مباحث بها مطالب تتضمن فقرات كتالي:
**الفصل الأول : أسباب الأزمة المالية العالمية
المبحث I : أسباب في خلل النظام الرأسمالي
المطلب الأول : تعريف النظام الرأسمـالي المطلب الثاني : أساس النظام الرأسمــــــــــالي
المبحث II : أسباب سياسية واجتماعيــــة
المطلب الأول : صراع الحضـــــــارات المطلب الثاني : الاهتمام بالوضع الخارجـــــي



المبحث III : الأسباب الاقتصادية
المطلب الأول : أسباب فشل الإدارة الاقتصادية المطلب الثاني : إهمال الوضع الداخــــلي

بعد فرض الأزمة المالية نفسها على العالمة نجد أن الأخطار التي نجمت عنها تتغير يوما بعد يوم لكن هذه التغيرات لم تخلف بعدها سوى السلبيات على كافة اقتصاديات العالم مثل إفلاس المؤسسات والشركات العالمية مثل ليمان ابراذرز Lahman Brothers ، إن لم تكن دولا بكاملها مثل أيسلندا ، وكذلك توسع ظاهرة البطالة ... هذا مع وجود نقاط إيجابية لكنها قليلة نسبيا بالمقارنة مع تلك النقاط السلبية انعكست على بعض الدول والشعوب " انخفاض أسعار النفط على الدول الغير منتجة له و انخفاض أسعار المواد الغذائية على الشعوب المستهلكة " ولقد حاولنا توضيح كل تلك النقاط في الفصل الثاني الذي يتضمن مباحث تحوي مطالب بها فقرات :
**الفصل الثاني : تداعيات الأزمة المالية العالمية
المبحث I : الآثــــار الأوليـــة
المطلب الأول : تراجـــــع الأسعــــــار المطلب الثاني : الأزمة والمصارف الإسلاميـــة
المبحث II : الآثــــار الثانويـــة
المطلب الأول : تراجع البورصات العالميـة المطلب الثاني : دخول العالم مرحلة الركود
المطلب الثالث : آثار ظاهرة الإفـــــــلاس
المبحث III : آثار الأزمة على البلدان النامية
المطلب الأول : كيف تسلل الأزمة إلى البلدان الناميـــة
المطلب الثاني : أثر الأزمة على المساعدات الخارجيـة

لكن بعد أن وجدت معظم دول العالم نفسها في أزمة مالية لم تكن تضعها في الحسبان ، والتي تختلف عن الأزمات التي سبقتها مثل الكساد الكبير 1929 ، من حيث جوهرها لأن الأزمة المالية الحالية مؤهلة لتركيع بلدان نامية كثير نحو المجهول ، وهذا ما نجده قد يحدث لبلد أوروبي ولو كان صغيرا هو ايسلندا ، وهذا العمق الكبير لهذه الأزمة هو ما دفع كافة دول العالم وخاصة الدول الكبرى المصنعة والتي تحتل نسبة 85% من اقتصاد العالم ، بعدة إجراءات لمواجهة هذه الأزمة الشانقة ، وتمثلت هذه الإجراءات من خلال التحركات المصرفية والتعاون الدولي ، وقد تناولنا ذلك في الفصل الثالث الذي يضم مبحثين يحتويان على مطالب بها فقرات كما يلي :
**الفصل الثالث : محاربة الأزمة المالية العالمية
المبحث I : تحركات البنوك المركزية
المطلب الأول : توفير السيولــــــــــــــــــــــــــــة المطلب الثاني : الخطط المالية الدولية
المطلب الثالث : إعادة هيكلة النظام المالي العالمي
المبحث II : التعاون الدولي العالمي
المطلب الأول : إنشاء صناديق استثمارية دولية المطلب الثاني : تحقيق الشفافية في النظام المالي
المطلب الثالث : أهمية مؤسستي بريتون وودز المطلب الرابع : هل مفتاح الأزمة بيد الصين ؟










الفصل الأول :أسباب الأزمة المالية

*ماهية الأزمة:
هل هي خلل في النظام الاقتصادي الحر المسمى بالرأسمالية؟ أم أزمة رهن عقاري ؟ أم هي عابرة سببها اضطراب سوق العقار؟ أم أزمة أسواق مالية ؟ أم أزمة أسواق أسهم ؟ أم أزمة بنوك استثمارات؟ أم أزمة ثقة في النظام الائتمان أصابت ارتداداتها أسواق العالم ؟ أم انفصال الاقتصاد المالي عن الاقتصاد الحقيقي ؟ أم انخفاض ثم ارتفاع لأسعار الفائدة أو مجردة حركة تصحيحية في الأسواق المالية ؟ ومن أين بدأت هذه الأزمة ومتى ؟؟؟!!!.
لقد جمعت الأزمة الماليـة الحالية كل هذه العناصر لتصبح شبحا يهدد الاقتصاد العالمي برمته وخاصة الاقتصاد الأمريكي الذي يمثل 40 % منه " الاقتصاد العالمي " ، وهذا مما يقذف إلى الذاكرة حالة الكساد الكبير الذي عصف بالولايات المتحدة نهاية عشرينات القرن الماضي .
تمهـيـد:
لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية المهيمنة على العالم منذ عقود من الزمن هي السبب أو المسببة للازمة الاقتصادية الراهنة التي تهز العالم ، والتي لم يكن يخطر على بالها أنها ستواجه هذا النوع من الأزمات الاقتصادية الشانقة التي أصبح يطلق عليها اتسونامي الاقتصاد أو الإعصار المالي ، الذي بدأ يزحف إلى باقي دول العالم بعد أن وصل الدول الأوروبية والآسيوية قادما من مصدره "الولايات المتحدة" ، ويعتبر هذا الإعصار أكثر دمارا من الأزمات السابقة وخاصة الكساد الكبير 1929 ، وذلك لأنه أتى على بعض المؤسسات المالية العملاقة التي نجت من هذا الكساد ، ومن أمثلة هذه المؤسسات التي أتى عليها هذا الإعصار المالي مبكرا المصرف الأمريكي العملاق "ليمان ابراذرز" Lahman Brothers في تاريخ: 08.09.15 الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى القرن 19 ، كما أتى على مؤسسات أخرى كانت مرتبطة بمضاربات مالية ضخمة في مجال قطاع التكنولوجيا المعلومات وقطاع العقارات(1).
لقد فرضت الأزمة نفسها على الجميع مع بداية أغسطس 2007 ، عندها بادرت البنوك المركزية الرئيسية في العالم بضخ عشرات المليارات من الدولارات لمساعدة المؤسسات والشركات التي تعاني من نقص في السيولة ، وجاء ذلك بعد أن اتضح أن الأزمة المالية قد فرضت نفسها على الجميع دون أن تستأذن أحد ، وهذا التحرك بعد مرور عام على الخطوة التي قامت بها البنوك المركزية الرئيسية في العالم(2) ، ولم يكن أي خبير اقتصادي يتوقع بأن خلل التوازن سيستمر كل هذه الفترة ، ومع هذا فإن البنوك لم تفهم تماما السبب الخفي وراء بقاء نسبة الفائدة بين البنوك مرتفعة جدا ، وفي الحالة العادية تنتهي هذه الوضعية أسرع بكثير في أعقاب الأزمة ، كما أن بعض الخبراء الاقتصاديين كانوا يظنون بان البنوك تتصرف بقدر أكبر من الحذر وهو ما اتضح أنه غير صحيح ، و نجد أن عدا لا بأس به من المراقبين فوجئ بالانهيار السريع في الثقة بين البنوك حيث اتضح أن القروض في ما بينها أصبحت مستحيلة ، وقد اشتبه القليل من المراقبين بحدوث هذا التهديد الذي يمس النظام المصرفي العالمي المتشابك فيما بينه(3).
لو فتشنا عن أسباب هذه الأزمة لاختلفت التحليلات والتفسيرات ، فثمة من يعيدها إلى فوضى السوق بلا أية ضوابط ، وآخر يعيدها إلى سقم المنظومات القانونية التي تحكم حركة السوق الحر، وثالث يعيدها إلى الرغبة في تحقيق أرباح سريعة ، ورابع يردها إلى خداع العملاء من العامة الذين رغبوا في





امتلاك بيوت بسرعة قياسية بخلاف الأنظمة التقليدية التي تسمح للفرد بتملك البيوت(1) ولذا سنتناول أسباب هذه الأزمة من خلاب ثلاثة مباحث هي :
المبحث I : أسباب في خلل النظام الرأسمالي المبحث II : الأسباب السياسية والاجتماعية
المبحث III : الأسباب الإقتصاديــــــــــــــــة

المبحث I: أسباب في خلل النظام الرأسمالي
لم يخلو النظام الرأسمالي هو الأخرى الذي ازدهر في القرن 16 وانتشر في انكلترا وفرنسا و ألمانيا والولايات المتحدة وفي معظم دول العالم الغربي أن يلعب دورا في أسباب هذه الأزمة العالمية التي بدأت بالولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم على النظام الرأسمالي حيث نجد أن للنظام الرأسمالي إيمانه بالحرية الواسعة التي أدت إلى فوضى في الاقتصاد والسلوك مما تولد عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الر وحي وبالتالي فان جوهر هذه الأزمة في ضوء القوانين التي أفرزتها ، أثبتت أن منطق الرأسمالية المتوحش لاشك انه لعب دورا في مسببات هذه الأزمة وعليه فان مقولة آدم اسميث التي قام عليها الاقتصاد الليبرالي (دعه يعمل..... دعه يمر) ، لم تعد ذات جدوى وهذا يعني أن حيادية الدولة اتجاه الاقتصاد الحر هي فكرة جنونية وعليه ، ولأول مرة تضطر الولايات المتحدة كدولة أن تتدخل لإنقاذ النظام الاقتصادي برمته وليس النظام المالي فحسب ولاشك إن هذا التدخل سيهدم وإلي الأبد أهم ركن أساسي في النظام الاقتصادي الرأسمالي(2) ، وعليه في هذا المبحث سنتعرض للمطالب الثلاثة التالية :
المطلب الأول : تعريف النظام الرأسمــالي المطلب الثاني : أساس النظام الرأسمالي

المطلب الأول : تعريف النظام الرأسمــالي
التعــريف: النظام الرأسمالي هو نظام اقتصادي ذوا فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم من أجل إشباع حاجات الإنسان الضرورية والكمالية وتنمية الملكية الفردية والحفاظ عليها متوسعا في مفهوم الحرية ، ويقوم هذا النظام على المذهب الحر وعلي المذهب لكلاسيكي وهو يعتمد علي سياسة فصل الدين عن الحياة ولقد ذاق العالم بسببه ويلات عديدة نتيجة إصراره على أن المنفعة والرغبة هما اللذان يحققان السعادة للإنسان ولا يزال النظام الرأسمالي يمارس ضغوطاته وتدخلاته السياسية والاجتماعية والثقافية التي ترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض ، ولم تكن الرأسمالية هي المرحلة الأولى التي تحكم العالم ، فقد كانت هناك مراحل تحكم العالم قبل مرحلة الرأسمالية حيث نجد أن أوربا كانت محكومة بنظام الإمبراطورية التي ورثها النظام الإقطاعي الذي تداخل مع المرحلة البرجوازية التي ظهرت مابين القرن 14 – 16 لتحل محلها أخيرا مرحلة الرأسمالية في بداية القرن 16 بشكل تدرجي حيث بدأت بالدعوة إلى الحرية وإنشاء القوميات اللادينية ثم بدأت بعد ذالك تظهر مذاهبها التي تسير عليه ، وسنتناول في هذا المطلب الفقرات الأربعة التالية :
الفقرة 1 : الأهداف وأبرز الشخصيات الفقرة 2 : أهم الأنظمــــــــــــــــــــــة
الفقرة 3 : أشكال الرأسماليـــــــــــة الفقرة 4 : خصائص النظام الرأسمالي

الفقرة 1 :الأهداف وأبرز الشخصيات
- البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً.
- تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم




الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها وتطويرها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن ، أما أبرز الشخصيات فهي :
* فرانسوا كيزني (1694 - 1778) ولد في فرساي بفرنسا ، وعمل طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر، لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس المذهب الطبيعي ، نشر في سنة 1756 مقالين عن الفلاحين وعن الحبوب ، ثم أصدر في سنة 1758 الجدول الاقتصادي وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية ، قال ميرابو حينذاك عن هذا الجدول بأنه يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة
هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي(1) .
*جون لوك 1632-1704 صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث يقول عن الملكية الفردية هذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإِنسان ، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة
كما ظهر بعد ذلك المذهب الكلاسيكي الذي تبلورت أفكاره على أيدي عدد من المفكرين من أهمهم:
* آدم سميث (1723-1790) وهو أشهر الكلاسيكيين على الإِطلاق ، ولد في مدينة كيركالدي في اسكتلنده ، ودرس الفلسفة ، وكان أستاذاً لعلم المنطق في جامعة جلاسجو سافر إلى فرنسا سنة 1766 والتقى هناك أصحابَ المذهب الحر ، وفي سنة 1776 أصدر كتابه "بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأم" هذا الكتاب الذي قال عنه أحد النقاد وهو (أدمون برك) "إنه أعظم مؤلف خطه قلم إنسان .

الفقرة 2 : أهم الأنظمـــــــة :
* نظام الكارتل الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة ، وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان.
* نظام الترست والذي يعني تكوين شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإِنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق .
* النظام الرأسمالي الذي أساسه المذهب الطبيعي ويدعو النظام الرأسمالي إلى أمور منها:
- الحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد حيث يحقق بهذه الصفة نموا للحياة وتقدماً تلقائياً لها .
- يدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال
والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد(2). .
- الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث إن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبرت عن ذلك مقولة آدم اسميث التي قام عليها الاقتصاد الليبرالي " دعه يعمل ...دعه يمر " .
- إن إيمان النظام الرأسمالي بالحرية الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك مما تولدت عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي .
- إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة بأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها .

الفقرة 3 : أشكال رأسمــالية
* الرأسمالية التجارية : التي ظهرت في القرن السادس عشر إثر إزالة الإِقطاع ، إذ أخذ التاجر يقوم بنقل المنتجات من مكان إلى آخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك.
* الرأسمالية الصناعية : التي ساعد على ظهورها تقدم الصناعة وظهور الآلة البخارية التي اخترعها جيمس وات سنة 1770 والمغزل الآلي سنة 1785 مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية في إنجلترا خاصة وفي أوروبا عامة إبان القرن التاسع عشر وهذه الرأسمالية الصناعية تقوم على أساس الفصل بين رأس




المال وبين العامل ، أي بين الإِنسان وبين الآلة .
* الرأسمالية المالية: يمكننا أن نضعها تحت نظام الكارتل الذي يقوم على اتفاق الشركات الكبيرة على أقسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة وانتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان وإذا ما نظرنا لودنا بأن الأزمة وقعت في هذا النوع من الرأسمالية وخاصة في الجزء المتمثل في الرهن العقاري .
* الرأسمالية الخدمية : حيث نجد أن نظام الترسب هو الذي يعني أن تكون شركة من شركات المنافسة لها قدرة في تكوين الإنتاج كما لها قدرة في التحكم والسيطرة على السوق من حيث جودة الخدمات التي تقدمها لزبنائها(1).

الفقرة 4 : خصائص النظام الرأسمالي
يتميز النظام الرأسمالي الذي يختلف في جوهره ومضمونه عن الأنظمة الأخرى بخصائص هي :
* الرأسماليون يعتمدون على مبدأ الديمقراطية في السياسة والحكم ، وكثيراً ما تجنح الديمقراطية مع الأهواء بعيدة عن الحق والعدل والصواب.
* النظام الرأسمالي يقوم على أساس ربوي ، والربا هو جوهر العلل التي يعاني منها العالم أجمع .
* النظام الرأسمالي ينظر إلى الإِنسان على أنه كائن مادي ويتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية والأخلاقي ، داعيا إلى الفصل بين الاقتصاد وبين الأخلاق .
* تعتمد الرأسمالية على حرق البضائع الفائضة أو قذفها في البحر خوفاً من أن تتدنى الأسعار لكثرة المعروض منها ، وبينما هي تقدم على هذا الأمر يكون الكثير من الشعوب في حالة شكوى من المجاعات التي تجتاحها.
* يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى
الحاجات الأساسية للمجتمع ذلك أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أولاً وأخيراً.
* يقوم النظام الرأسمالي في أحيان كثيرة بطرد العامل عندما يكبر دون حفظ لشيخوخته إلا أن أمراً كهذا أخذت تخف حدته في الآونة الأخيرة بسبب الإِصلاحات التي طرأت على النظام(2).

المطلب الثاني : أساس النظام الرأسمالي
تعد بعض أركان فلسفة الرومان القديمة هي أساس النظام الرأسمالي وذلك لظهور رغبته في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة ، كما يهدف إلى تعزيز الملكية والدعوة إلى الحرية ، ولا يهمه من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق له المنفعة ولا سميا الاقتصادية منها على الخصوص ويدعو النظام الرأسمالي إلى الحرية ويقف للدفاع عنها ، لكن الحرية السياسية تحولت إلى حرية أخلاقية واجتماعية ، ثم تحولت هذه بدورها إلى إباحية ويتضمن هذا المطلب أربعة فقرات هي :
الفقرة 1 : عيوب النظام الرأسمالي الفقرة 2 : الإِصلاحات التي حدثت للنظام الرأسمالي الفقرة 4 : الجــذور الفكرية والعقـائــدية

الفقرة 1 : عيوب النظام الرأسمالي
النظام الرأسمالي نظام وضعي يقف على قدم المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن منهج الله الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني الإِنسان ، كما تقوم جذوره على شيء من فلسفة الرومان القديمة ، وله الرغبة في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة ، كما قام في الأصل على أفكار المذهب الحر والمذهب الكلاسيكي ، ومنه نستنتج أن الرأسمالية تناهض الدين متمردة




على سلطان الكنيسة أولاً وعلى كل قانون أخلاقي أخيراً ، لذا كانت للأفكار والآراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية في أوروبا دور بارز في تحديد ملامح النظام الرأسمالي الذي يدعو إلى الحرية وتبنى الدفاع عنها(1) ، ومنه فإن عيوب النظام الرأسمالي تتمثل فيما يلي :
الأنانية: حيث يتحكم فرد أو أفراد قلائل بالأسواق تحقيقاً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام للمصلحة العامة.
الاحتكار: إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من الأسواق نزل بها ليبيعها بسعر مضاعف يبتز فيه المستهلكين الضعفاء.
المزاحمة والمنافسة: إن بنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس الجميع في سبيل إحراز الغلبة ، وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف ، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفلاس المصانع والشركات بين عشية وضحاها.
ابتزاز الأيدي العاملة : ذلك أن الرأسمالية تجعل الأيدي العاملة سلعة خاضعة لمفهومي العرض والطلب مما يجعل العامل معرضاً في كل لحظة لأن يُستبَدل به غيره ممن يأخذ أجراً أقل أو يؤدي عملاً أكثر أو خدمة أفضل .
البطالة: وهي ظاهرة مألوفة في المجتمع الرأسمالي ، وتكون شديدة البروز إذا كان الإِنتاج أكثر من الاستهلاك مما يدفع بصاحب العمل إلى الاستغناء عن الزيادة في هذه الأيدي التي تثقل كاهله.
الحياة المحمومة: وذلك نتيجة للصراع القائم بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل
السبل وأخرى محرومة تبحث عن المقومات الأساسية لحياتها ، دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل(2).
الاستعمار: ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد الأولية ، وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل في غمار استعمار الشعوب والأمم استعماراً اقتصادياً أولاً وفكرياً وسياسياً وثقافياً عامة ، وذلك فضلاً عن استرقاق الشعوب وتسخير الأيدي العاملة فيها لمصلحتها.
الحروب والتدمير: فلقد شهدت البشرية ألواناً عجيبة من القتل والتدمير وذلك نتيجة
طبيعية للاستعمار الذي أنزل بأمم الأرض أفظع الأهوال وأشرسها.

الفقرة 2 : الإِصلاحات التي طرأت على النظام الرأسمالي
1- كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً ، ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان.
2- في عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في إنجلترا، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة ابتداء من سنة 1933م ، وفي ألمانيا بدءاً من العهد الهتلري وذلك في سبيل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي.
4- لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإِصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإِنسان ، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباته.

الفقرة 3 : الجــذور الفكرية والعقـائــدية
- ازدهرت الرأسمالية في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأميركية وفي معظم العالم الغربي.





- وقوف النظام الرأسمالي مثله كمثل النظام الشيوعي إلى جانب إسرائيل دعماً وتأييداً بشكل مباشر أو غير مباشر.
نتيجة : من خلال ما اتضح لنا يمكننا القول بأن وحشية النظام الرأسمالي لعبت دورا هما في أسباب الأزمة وذلك بسبب جنون التعاملات الربوية التي بمقدورها أن تحقق انتصارات لفئات محدودة وكوارث للغالبية الساحقة من الناس ، وعليه فمن المهم ملاحظة أن الأزمة تفجرت أصلا في إطار الرأسمالية المالية وليس في الأشكال الأخرى من النظام الرأسمالي ، لذا فإن سبب الأزمة الراهنة هو خلل في النظام الرأسمالي " الذي لا ينتج ولا يصنع اقتصادا آمنا ، لكنه مغر ومريح في تحقيق أرباح طائلة دون أي جهد إنتاجي يذكر" الذي يقود الولايات المتحدة وذلك نتيجة تراكم الانفصال المتزايد مابين الأصول المالية والأصول الحقيقية إضافة إلى عمليات التلاعب والتدليس على المشتريين وهذا مما يؤكد أن النظام الرأسمالي أدى إلى مساوئ وويلات نتج عنها ما يعانيه العالم في الوقت الراهن من استعمار ومناطق نفوذ وغزو اقتصادي ووضع معظم ثروات العالم في أيدي الاحتكارات الرأسمالية وديون تراكمية التي لا تعدل بين أفراد طبقات المجتمع ، لذا أظن أن الدول الإسلامية لو اتبعت النظام الاقتصادي الإسلامي لكانت له فوائد أكثر من أي نظام أخر.

المبحث II : الأسباب السياسية والاجتماعية
لقد ارتكب المحافظون الجدد أخطارا سياسية واجتماعية ، ساعدت بشكل فعال في أسباب هذه الأزمة ، حيث نجم عن هذه الأسباب السياسية والاجتماعية تهور وأخطار أفقدت الولايات المتحدة مصداقيتها ومكانتها الأخلاقية ، ورغم مظاهر القلق التي لا يمكن إخفائها ، فإن الليبراليون الجدد ما زالوا يؤكدون أن الأزمة الحالة هي مجرد أزمة دورية شأنها كشأن الأزمات 10 السابقة التي واجهت النظام الرأسمالي خلال 100 عام الأخيرة وخرج منها في كل مرة معافى بل أقوى مما كان عليه لكن هذا الاستنتاج يبدو متعجلا بعض الشيء ، لأننا نجد أن هذه الأزمة مازالت في بدايتها وذلك من خلال إفلاس المؤسسات في الوقت المبكر بشكل متتالي ، ومن خلال كل التكهنات نجد أن هذه الأزمة المالية الحالية تختلف عن سابقاتها(1).
كان النظام الرأسمالي الذي ارتبط في نشأته بالثورة الصناعية وظهور الدول القومية الحديثة في أوربا ، قد راح يتمدد إلى أن تحول إلى نظام كوني يشمل العالم بأجمعه مستفيدا في مسيرته الطويلة والتي امتدت خلال ثلاثة قرون من ثورات علمية وتكنولوجية متعاقبة ، كأن الوقت قد ساعد على تفجيرها محدثا تغيرات هائلة في البنية الاقتصادية والاجتماعية والتقليدية في مختلف المناطق التي دخلها ، وكان من الطبيعي أن تفرز هذه التغيرات قلاقل سياسية واجتماعية أخذت أحيانا شكل ثورات وحروب دولية وإقليمية وأهلية أعادت تشكيل الخريطة السياسية للعالم وموازين القوى على نحو دائم ومستمر، ومن المفارقات أن تؤدي التقلصات السياسية والاجتماعية التي أصابت أوربا عقب النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي إلى إنتاج نظم فاشية وعنصرية تسببت في إشعال حرب عالمية ثانية أسفرت عن تراجع مكانة القارة برمتها ونشوء نظام دولي جديد بقيادة الولايات المتحدة واستمرار الاتحاد السوفيتي مع استمرار دوريات التاريخ من حيث القوى إلى أن يصبح النظام الدولي له قيادة واحدة لا أكثر(2) ، ولنتناول في هذا المبحث المطلبين التاليين :
المطلب الأول : السياسة بوش والاقتصاد المطلب الثاني : الاهتمام بالوضع الخارجي






المطلب الأول : سياسة بوش الابن .... الاقتصاد
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر قطبيين يحكمان العالم وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، لكن دورات التاريخ لم تتوقف عند هذا الحد ، ففي سباق الحرب الباردة التي كادت أن تكون حربا عالمية ثالثة والتي نشبت بين قطبي النظام الجديد بحيث تم إعادة تأهيل الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية لتصبح تدريجيا قوى اقتصادية عظمى وانطلقت عملية تكاملية واندماجية بين أوربا والغرب كانت يصعب حدوثها في سباق آخر ، وهي عوامل ساعدت في النهاية على حسم الحرب الباردة لصالح المعسكر الغربي ، وكان يمكن للتاريخ أن يأخذ مسارا مختلفا لو لم يكن اليمين الأمريكي المتطرف الذي أسكرته نشوة السقوط المذهل والسريع للاتحاد السوفيتي ، وقد تصور أنه بات من الممكن تأسيس امراطورية أمريكية ، على انقضاء الاتحاد السوفيتي لتهيمن منفردة على العالم ويبدو أن الفجوة المتمثلة في القوة الشاملة والتي كانت تفصل بين الولايات المتحدة وبقية القوى الكبرى في النظام الدولي ، والتي كانت تميل بشكل حاسم في ذلك الوقت لصالح الولايات المتحدة قد خدعت هذا التيار المتطرف ، الذي لم يضع في حسبانه تكلفه الهيمنة المنفردة خصوصا إذا جرى فرضها بالوسائل القوة العسكرية وحدها ، في الوقت الذي تحتاجه روسيا والقوى الدولية الأخرى لكي تستعيد تماسكها وتؤكد مكانتها من ناحية ، لذا لم يكن قريبا أن يجري الترويج لنظريات نهاية التاريخ "صراع الحضارات " لتبرير سياسات ومخططات عدوانية جاهزة ومعدة سلفا(1) ، ولنتناول في هذا الصدد الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : وصول بوش للرئاسة الفقرة 2 : انعكاس سياسة بوش على الاقتصادية

الفقرة 1:وصول بوش للرئاسة
نجد أنه عند نجاح بوش الابن في انتخابات عام 2001 كان عاقدا العزم على غزو العراق واحتلالها معتقدا أن الهيمنة على الشرق الأوسط ستصبح في متناول يده بمجرد إتمام هذا الغزو الذي سيمكنه من الاستيلاء على أكبر مخزون نفط عالمي ، ومن الواضح أن اليمين الأمريكي كان مخطئا وعند وصوله للرئاسة كانت البلاد لها فائض يقدر ب 5.2 % من دخلها القومي أي 237 مليار دولار ، وهو اكبر فائض في تاريخ USA ، وها هو يتركها في تاريخ: 22/01/09 للرئيس الجديد حسين باراك أوباما بعجز قدره 3% من دخلها القومي أي 482 مليار دولار وارتفاع حاد للبطالة يقدر بحوالي 8% بالإضافة إلى عجز الأفراد الأمريكيين عن سداد ديونهم والاقتراض من البنوك الأمريكية لشراء عقارات بالإضافة إلى فشله في سياسة ضمان : اجتماعـــــــــي – صحــــــي – البيئــــي ...إلخ(2)

الفقرة 2:انعكاس سياسة بوش على الاقتصاد
لقد ساعد خلل سياسة بوش الابن في ظهور هذه الأزمة ومن هذه السياسات غزو أفغانستان والعراق والتي لم تضر باقتصاد الولايات المتحدة فقط بل بدول العالم أجمع نتيجة ارتباط اقتصادها بالاقتصاد الأمريكي برباط وطيد ، حيث نجد أن إنفاق الجهد الحربي يقدر بحوالي 700 بليون دولار وسبب هذا كله قد يعود إلى صمت كبار المفكرين الأمريكيين عن الحكم الأمريكي القادم للبشرية وعن نهاية التاريخ والإنسان الأخير حتى بلغت حد العجرفة والعنصرية والتهديد في الخطاب الفكري والسياسي الأمريكي إلى أن أصبح يتحدث عن صدام الحضارات وينتج حروبا أكثر مما ينتج اقتصاديا(3).







المطلب الثاني : الاهتمام بالوضع الخارجي
لقد تكبد الاقتصاد الأمريكي الذي هو مكان انبثاق هذه الأزمة عواقب وخيمة وذلك من خلال هيمنتها وغطرستها العدوانية ، وذلك من خلال شنها للحروب على بعض الدول مثل العراق وأفغانستان إضافة إلى التكاليف التي تكبدتها خلال أحداث 11/09/01 والتي أخذتها ذريعة لإباحة شن هذه الحروب وتهديد أخريات وذلك تحت شعار الحرب على الإرهاب ، وإذا ما نظرنا إلى هذا من حيث التجهيزات للحرب على هذه الدول نجد أن بوش الابن ومستشاريه توقعوها حروبا سريعة وغير مكلفة ، لكن التوقع لم يكن كذلك ، لأن هذه الحروب كلفت أكثر مما كان يتخيل أحد لذا حيث نجد أن لاري ليندمي " المستشار الاقتصادي لبوش الابن " ورئيس المجلس الاقتصادي القومي الأمريكي كانا قد توقعا أن التكاليف ستبلغ 200 مليار دولار ، وكذب رونلد رامسفلد وزير الدفاع سابقا "في حكومة بوش الإبن" هذا التقدير وقدرها بحوالي 50-60 مليار دولار معتبرا أنه يمكن توفيرها من دول أخرى ، وقال نائبه بول وفويتز بأن عمليات الإعمار مستقبلا بعد نهاية الحرب ستقوم بتسديد كل هذه التكاليف من خلال فوائد النفط المتزايدة وغيرها(1) ، ولنشرح بشكل مبسط تكاليف حرب كل من العراق وأفغانستان في الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : تكاليف حرب أفغانستان الفقرة 2 : تكاليف حرب العراق

الفقرة 1 :تكاليف حرب أفغانستان
تكبدت الولايات المتحدة العديد من الخسائر الفادحة إثر هجمات 11 سبتمبر من عام 2001 التي استهدفتها USA وجلها خسائر اقتصادية ، وحينها وجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة التي يقودها أسامة بن لادن والتي كانت تدير الحكم في أفغانستان وعندها اعتبر بوش الابن أن هذا عمل إرهابي وتجب ملاحقة مدبريه ، عندها بادر بشن الحرب على أفغانستان بمشاركة من عدة دول أوربية وآسيوية تحت شعار محاربة الإرهاب وهذا مما خفف التكاليف على الولايات المتحدة وقد كانت أبريطانيا هي الشريك الأكبر للولايات المتحدة والتي تكلفت العديد من مليارات الدولارات والتي لم يعلن عنها ولم تكن متوقعة ولكن يمكن تقديرها بأكثر من 5 مليار دولار شهريا لأننا إذا ما نظرنا إلى كلفة ابريطانيا التي ليست إلا مساعدة لوجدناها أنفقت حتى نهاية عام 2007 ما يقارب 16 مليار دولار( 76% منها في العراق - 24% في أفغانستان ) ، أي أن ما أنفقته في الحرب على افغانستان يقدر بحوالي 3.84 مليار دولار(2) ، فما بالك بما أنفقته الأم القائدة للحرب (USA)؟.

الفقرة 2: تكاليف حرب العراق
قبل أن تسترجع الولايات المتحدة بعض قواها الاقتصادية التي تكبدتها في أحداث 11 سبتمبر وحرب افغانستان رمت نفسها في حرب ثانية كان الرئيس بوش الإبن مصرا عليها قبل وصوله للبت الأبيض وهي حرب العراق التي كانت أكبر وأشعب من سابقتها وأكثر تكاليف مما كانت تتوقع الإدارة الأمريكية ، لأن وزير الدفاع آنذاك خمن هذه التكاليف بحوالي 50-60 مليار دولار وكان من المفترض أن تكون تقديراته دقيقة لكنه لم يفلح في ذلك ، حيث اختلفت تقديراته بشكل كبير مع تقديرات كل من المستشار الاقتصادي للرئيس بوش الإبن ورئيس المجلس الاقتصادي لاري ليندسي الذي قدرها ب 200 مليار دولار ، ورغم كل هذا لم يفلح كل منهم في التقدير الصحيح لهذه الحرب رغم جهلهم لما تتطلبه من وقت ، ولذا فإن المعلومات التي أدت بوزارة الدفاع لشن هذه الحرب كانت معلومات خاطئة ، ولذا نجد أن مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية وعلى رأسهم نائب وزير الدفاع بول ووفويتز قالوا بأن تكاليف الحرب على العراق وما كلفته حرب افغانستان سيتم تسديده من خلال عوائد النقط المتزايدة وكذلك عمليات





الإعمار التي ستقام بعد نهاية الحرب ، كما اعتبر مسئولون آخرون من وزارة الدفاع أن هذه التكاليف تتحملها بعض الدول الأخرى ، ومن خلال ما ظهر من التتبع الذي سلكته الأزمة المالية نجدها بدأت بالولايات المتحدة ثم إلى أقوى الدول الأوربية وهكذا كأنها تتبع الدول حسب حصصها المالية الأكبر في هذه الحروب ، حيث نجد أن ابريطانيا التي هي الشريك الأول للولايات المتحدة في حروبها كانت قد خصصت في البداية 2.28 مليار دولار للإنفاق على الحرب ، لكنها أنفقت حتى نهاية 2007 ما يقارب 16 مليار دولار وهذا ما يثبت لنا أن تقديرات كل من إدارة وزارات الدفاع لهذه الدول كانت خاطئة ، وإذا ما استمر الوضع على هذا الحال فإن إنفاق ابريطانيا في هذين الحربين حسب التوقعات سيزيد على 41.14 مليار دولار بحلول عام 2010 وإذا ما أضفنا التأثير الإجمالي لذلك على المجتمع لبريطاني فإن التكلفة ستزيد على 45.7 مليار دولار ولا ننسى أن ابريطانيا ليست إلا مساعدة ، وعند كشف الستار عن تكاليف السنة الخامسة لحرب العراق (التي هي العبء الثقيل على الإدارة الأمريكية والتي يمكن أن تكون تكاليفها هي سبب هذا التوتر المالي الحالي ) قد تجاوزت في العام المنصرم (عام 2008) 12.5 مليار دولار شهريا بالنسبة لحرب العراق بعد أن كانت 4.4 مليار دولار سنة 2003 ، وبإضافة تكاليف حرب افغانستان تصل التكاليف الإجمالية إلى 16 مليار دولار شهريا وهو ما يعادا ميزانية الأمم المتحدة لسنة كاملة(1) .

المبحث III : الأسباب الاقتصادية
بما أن الولايات المتحدة دولة تعيش بأفضل مما تنتجه لها قدراتها الحقيقة ، فهناك مديونية حكومية تتزايد باستمرار وصلت عام 2007 إلى حوالي 9 تريليون دولار مقابل أقل من 4 تريليون خلال الثمانينات وعجز في الميزانية وصل عام 2006 إلى 758 بليون دولار وعجز في الميزانية قدر سنة 2008 بأكثر من 400 بليون دولار ، وتتمثل الأسباب الاقتصادية هذه بالوضع الاقتصادي والمالي الأمريكي منذ فترة طويلة وحتى الآن ، حيث نجد أن الأزمة الحالية تختلف عن سابقاتها تماما ، فالولايات المتحدة الأمريكية بدأت في السبعينيات القرن العشرين بعملية لا تصنيع أو نزع التصنيع (deindustrialization) انتقلت بموجبها من الإعتماد على الأسواق المحلية القومية إلى الشكل المتعولم الحالي من العولمة عبر نقل الصناعات التقليدية الملوثة إلى الصين والهند وغيرهما وترافق ذلك مع تحرير أسواق المال ونزع القيود المنظمة لها ، مما أدى إلى هجرة جماعية للرأسماليين إلى الجنات الآسيوية وأيضا إلى تقسيم عمل دولي جديد يشمل التكنولوجيا المتطورة والبحث والتطوير والسلع الخاصة "الخدمات المالية" في المراكز الرأسمالية والعمليات الصناعية التقليدية في الأطراف(2).
هذا التطور لم ينتج عنه سوى توسع هائل للأسواق المالية التي تعو لمت بسرعة ، فبات القطاع المالي في إبريطانيا على سبيل المثال مسؤولا عن نصف النمو الاقتصادي ، وكذا الأمر بالنسبة للقطاع العقاري في أمريكا حتى عام 2006 ، وكلا القطاعين اعتمد بشكل كامل على المضاربة وليس على الاقتصاد الحقيقي ، وذلك لأن سيطرة الطبقة المالية المصرفية حولتها من نظام اقتصادي يستند على قواعد تنظيمية واضحة إلى فوضى كزيو القمار الذي يقوم على مبدأ المخاطرة الكبيرة لتحقيق الأرباح الباهظة ، هذا يعني عدم وجود نظام للرقابة " ضعف أو قصر في الشفافية " ، وهذا مما يؤدي بالإدارة الاقتصادية إلى الإصابة بالفشل ضف إلى ذلك اهتمامها بالوضع الخارجي بشكل أكبر من اهتمامها بالوضع الداخلي(3). لكن ما ذا يعني فشل الإدارة الاقتصادية وما هي أسبابه ؟ لنتطرق لذلك من خلال مطلبين هما :
المطلب الأول: أسباب فشل الإدارة الاقتصادية المطلب الثاني : إهمال الوضع الداخلــي




المطلب الأول: أسباب فشل الإدارة الاقتصاديـة
عندما تكون الإدارة الإقتصادية في وضع تعجز فيه عن تسير المؤسسة التي أنشأن من أجلها نقول بأنها في حالة فشل ، وتعتبر الإدارة العمود الفقري للمؤسسة الاقتصادية ، كما أنها النواة الأساسية لها فباستقامتها تستقيم المؤسسة وتنضج وباعوجاجها تتدحرج ومآلها الإفلاس(1) ومن الأخطاء التي تقع فيها حكومة الإدارة:
* اللامبالاة في تسريب الأخبار وإجراءات السياسة المحتملة والافتقار إلى الشفافية .
* وكذلك ضعف نظام رقابة السوق وإعطائه الحريــــــــــــــــــــة التامــــــــــــــــــة.
ما يحدث في أنحاء العالم يثير تساؤلات جوهرية عن عصر العولمة الجديد بشأن العلاقة الصحيحة بين الأسواق والحكومات ، ولنتناول أسباب فشل الإدارة في ثلاثة فقرات أساسية هي :
الفقرة 1 : قصر الشفافية أو عدم الكفاءة الفقرة 2: ضعف نظام رقابة الســــــوق
الفقرة :3 غلاء أجور المـــــــــــــــدراء

الفقرة 1:الأسباب المتمثلة في قصر الشفافية
يعتبر قصر الشفافية وعدم الكفاءة هما جرثومة المرض الذي يصيب المؤسسات وخاصة المالية منها ، حيث يؤدي بها إلى الفشل ومن ثم خروجها من دائرة العمل "الإفلاس" ويدخل عدم الكفاءة في التعامل ، وذلك نتيجة سوء العلاقة القائمة بين المدراء والأسواق ، ويأتي عدم الكفاءة في المرتبة الأولى بالنسبة لفشل الإدارة الاقتصادية حيث تحتل النسبة الأكبر 93.1% إضافة إلى عناصر أخرى تلعب دورا ولو نسبيا : الإهمال 2% - التزوير 1.5% -الكوارث 0.9% وأسباب أخرى مجتمعة تشكل 2.5% ، ويتمثل عدم الكفاءة في مــــــــــــــــــا يلي :
1- سوء العلاقة القائمة بين المدراء والأســـــــــواق .
2- عدم الإعلان عن النتائج الحقيقة للمؤسسات المالية مثل ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا ، حيث لم يعلن عن حجم الخسائر التي تكبدتها المؤسسات والشركات المالية فيها ، إلى أن بلغ السيل الزبى وهذا هو ما شدد خناق الأزمة عليهما "الولايات المتحدة وأوربا " .
3- كما تتمثل عدم الكفاءة أيضا في الإقراض والمبالغة في منح قروض بدون ضمانات أو مقابل ضمانات غير كافية ، وهذا يعني أنه ليست هناك أية رقابة على السوق المالي(2).

الفقرة 2 : الأسباب المتمثلة في ضعف نظام رقابة السوق المالية
السوق المالية التي هي مكان التقاء طالبي وعارضي الأموال لمدة طويلة ومتوسطة الأجل وتستخدم في هذه الأسواق عملية البيع والشراء للأسهم والسندات التي تتغير قيمها بتغير الطلب والعرض ولذا فإن الرقابة على هذا السوق أمر لا يجب التهاون به ، حيث نجد أن الرئيس الأمريكي بوش دعا في قمة كام ديفد 20-10-08 التي جمعته مع الرئيس الفرنسي نيكولاس سركوزي ورئيس المفوضية الأوربية جوزيه مانويل باراسو إلى الحفاظ على نظام السوق الحر كما دعا أيضا إلى سياسات السوق المفتوحة التي رفعت مستويات المعيشة وساعدت ملايين الأشخاص من النجاة من الفقر في أنحاء العالم ، لكن رئيس الوزراء لبريطاني غوردون براون دعا من لندن في هذه القمة أن العالم إذا أعطى للأسواق الحرية المطلقة فإنه سيتكبد حجما من المآسي التي لا يتوقعها مثل المأساة التي وقعت لأيسلندا التي أصبحت أكثر خطورة مما يتوقع الناس ، إذ أن الحكومة لا تستطيع تحمل أية محاولة إنقاذ ، ومع هذا نجد أن رئيس أيسلندا دعا إلى أن كل دولة مسؤولة عن نفسها ، لكن في الواقع لا يمكن فعل ذلك ، لأن أية دولة لا يمكنها





الوقوف وحدها وذلك لترابط الأسواق المالية العالمية ، ولذا يمكننا أن نعرف ثلاثة أنواع من الأسواق المالية :
1-الســـوق الرسمي : وهو الجزء الأساسي من السوق المالي تعرض داخله أسهم وسندات الشركات الكبيرة المعروفة دوليا .
2- سوق درجة الثانية : ويضم الشركات الممتازة والصغيرة والتي لا تدخل الســـــــــــــــوق الرسمي .
3-السوق الجديـــــد : وتضم أسهم وسندات الشركات التي تحترم نظم الأسواق المالية وتخضع هذه السوق لشروط مرنة مقارنة مع باقي الأسواق.
يؤدي الإهمال التام والتلاعب بالمعاملات داخل هذه الأسواق إلى تدهور مؤشراتها والتي هي أداة لقياس وتسيير القيم المنقولة داخل هذه الأسواق المالية ، لأن المؤشر هو الذي يعطينا فكرة عامة عن اتجاهات هذه القيم داخل السوق وكذلك فكرة خاصة عن قطاع اقتصاد معين من بين عدة قطاعات ، ضف إلى ما سبق أن إهمال رقابة نظام السوق هو السبب في تراجع لبعض الأسعار مثل تراجع سعر برميل النفط وسعر بعض العملات ...إلخ .

الفقرة 3 : الأسباب المتعلقة بأجور المدراء
بما أن المؤسسات المالية تعاني في هذه الآونة من نقص في السيولة " تذبذب مالي" هذا مع أن القائمين عليها " المدراء " يتقاضون مبالغ باهظة كأجور شهرية ، ويعتبر تقاضي هذا النوع من المبالغ مثل أجور مدراء صناديق التحوط التي تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مليار دولار مثل ما وصلته عام 2006 عبئا على المؤسسة المالية ، مع أن القائمين عليها لهم الحق في الحصول على أجور عوضا عن عملهم لكن يجب أن تكون قدر المستطاع بالنسبة لقوة المؤسسة ، وفي ما يخص هذه الآونة والتي تستخدم فيها جمع الطرق لتوفير التمويل اللازم للمؤسسات يجب خفض أجور هؤلاء القائمين عليها برضا منهم ودون أن يضر ذلك بهم وذلك رفقا منهم بظروف المؤسسات الحالية إلى أن يتحسن وضعها المالي بعده تقدم لهم تعويضات وإعانات (1).

المطلب الثاني : إهمال الوضع الداخلي
خلال عام 2007 توسعت المؤسسات المالية الأمريكية في منح القروض السكنية بصورة لم يسبق لها مثيل من ناحية وازدادت نسبة القروض إلى قيمة الممتلكات (المساكن ) من ناحية أخرى وقد قدمت تلك المؤسسات المالية تلك القروض لعدد كبير من المستهلكين أصحاب الملاءة الضعيفة أو الجدارة الائتمانية الرديئة ، بمعنى أن رغبتهم وقدرتهم على سداد القروض متدنية وبتالي يتأثرون عند حلول مواعيد سداد القروض ، مما يؤثر على وضع المؤسسات المالية التي منحت القروض ، ومن ثم عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها مما يؤدي إلى انهيارها ، وبما أن المؤسسات المالية والمصرفية تتميز بخاصية التشابك الكبير بينها وخصوصا بعد استحداث الأدوات المالية الجديدة في المجال المالي بصفة عامة ، وفي مجال التمويل العقاري بصفة خاصة ، والذي انتشر في التسنيد أو التوريق بصورة كبيرة ، وذلك من خلال تحويل القروض السكنية إلى سندات مدعومة بتلك القروض مما يؤدي إلى تشابك المؤسسات المالية وبتالي فإن تعرض إحداها للانهيار أو الإفلاس تؤدي إلى تعثر وانهيار مؤسسات مالية أخرى كانت سليمة ، ومن أكثر الأمور حدة في هذه الأزمة حدوث خسارة لم يسبق لها مثيل حيث قفزت أسعار الفائدة بين البنوك بشكل كبير ، والمشكلة أنه لم يفهم السبب الكامن وراء بقاء نسبة الفائدة مرتفعة بين البنوك ، وقد يدخل في سبب هذا تقديم قروض لمقترضين مشكوك فيهم لأنه يؤدي إلى نقص السيولة داخل البنوك(2) ، ويمكننا تقسيم إهمال الوضع الداخلي إلى الفقرات التالية :




الفقرة 1 : تدهور أوضاع ســـــــوق السكـــــــــن الفقرة 2 : ارتفاع سعر الفــــــائدة
الفقرة 3 : الإقراض والمبالغة في تقديم القروض الفقرة 4 : سياسة صناديق التحوط

الفقرة 1 :تدهور أوضاع السوق السكن
من خلال التدهور الذي أصاب سوق السكن أو الرهن العقاري بدأت الأزمة تظلي بظلالها على العالم ، لذا يعتبر هذا التدهور من الأسباب الرئيسية إن لم يكن هو السبب لهذه الأزمة المالية وذلك رغم ما تحتله من وزن هام في الاقتصاد العام ، حيث نجد أن حجم الخسائر في القروض على الرهن العقاري الأمريكي "منبع الأزمة" بلغ حدا لم يعد بالإمكان معه توقع المزيد وأكد ذلك الكاتب السويسري بيات كابلير الذي قال بأنه لم يكن يتوقع انهيارا لقيمتها في هذه السرعة ، وبما أن المستهلك يتعامل وبشكل مستمر مع المؤسسات المالية "المصارف" من خلال القروض والودائع ومن خلالها تعمل البنوك على استقطاب الودائع مقابل فوائد منخفضة عادة تقوم بتوظيفها من خلال الاستثمار أو إعادة إقراضها مقابل فوائد مرتفعة ، وهذا المصدر يشكل 90% من توظيفات البنوك للأموال المودعة للعملاء الباحثين عن أموال للحصول على سكن(1) .
يعود انخفاض قيمة الرهن العقاري بهذا الشكل السريع وتكبده لهذا النوع من الخسائر البالغة إلى ارتفاع الفائدة على القروض وبتالي أصبح هناك عجز عن سداد الديون ، وهو ما أدى بالبنوك إلى الإستلاء على المنازل المرهونة وعرضها في السوق العقاري الأمريكي ، وهذا مما أدى إلى زيادة العدد المعروض منها ، وهو ما أدى إلى انخفاض سعر العقار بشكل سريع ، مما تولد عنه عدم قدرة البنوك على استرجاع قروض الرهن التي منحتها ، وهنا نجد أن ما يقارب 1300000 منزل تمت مصادرتها من ملاكها لعدم قدرتهم على السداد وذلك في عام 2007 ، زيادة على ذلك عجز بعض المؤسسات المالية عن تمويل بعض المشاريع التي بدأت بها ، مثل مشروع عمارة دبي التي تبلغ كلفتها 13.5 مليار دولار وهي مازالت قيد البناء ، أما إذا ما نظرنا إلى الأزمة العقارية السويسرية التي وجدت قبل 15 عاما لوجدناها أكثر أهمية بمرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بالدخل الوطني ، عما هي عليه حاليا في الولايات المتحدة وهو ما يقيم الدليل على أن المصارف السويسرية قد استوعبت جيدا هذه التجربة على مستوى سوقها الداخلي ، لكنها ظنت أن الأمور مختلفة على المستوى الخارجي وهذا خطأ ، ومن هنا بين المحلل والكاتب بيات كابلير أن الخطأ يتمثل في أن صلابة قرض بنكي أمر يجب أن يتم التفكير فيه بتأن شديد وهو ما لم تنتبه إليه المصارف السويسرية خارج البلاد هذا بالنسبة لسويسرا، وشبه ذلك حدث في الولايات المتحدة(2) ولنتطرق لنظام الرهن العقاري بشكل مبسط فيUSA في المثال التالي :
** نبذة عن نظام الرهن العقاري في USA بشكل مبسط : يتسلم البنك طلب العميل للحصول على قرض لشراء منزل بعد تعيينه وتقييمه من قبل البنك يقوم العميل بدفع نسبة من قيمة المنزل على سبيل المثال 20% كدفعة أولى ، ومن ثم يقوم البنك بتمويل العميل بالجزء المتبقي من قيمة المنزل بسعر فائدة ثابت أو متغير مرتبط بتغير أسعار فائدة معينة (وهذا هو أساس المشكلة) .
مثــــال :عند شراء عميل لمنزل بقيمة 100000 دولار سيقوم العميل بدفع 20000 دولار (20% من ثمن المنزل ) ثم يقوم البنك بعد ذلك بإقراض 80000 دولار بسعر فائدة يتفق عليها بعد رهن المنزل للبنك ، وفي حالة العميل تأخر عن السداد يقوم البنك بالاستيلاء على المنزل وبيعه بسعر السوق واستيفاء أصل القرض وفوائده وغرامات التأخر عن السداد(3) .
أما في ما يخص مشكلة الرهن العقاري الأمريكي : ظهرت مشكلة الرهن العقاري الأمريكي في العامين 2007-2008 والتي أدت إلى قلة سيولة النظام البنكي وزعزعت أسواق المال بسبب قلة الإقراض




للشركات الأخرى لتمويل استثماراتها ، وكانت البداية عند ارتفاع أسعار المباني المستمرة في السوق العقاري الأمريكي ، وبتالي بدأت البنوك في تخفيف طلبات الإقراض على العملاء مثل تخفيف نسبة الدفعة الأولى ، وذلك بسبب التوقعات المتفائلة لارتفاع أسعار العقار من قبل المحللين ، فما هو ب 100000 دولار هذا العام يتوقع أن يصبح بحوالي 110000 دولار مستقبلا .

الفقرة 2 :ارتفاع سعر الفائدة
تلعب تغيرات أسعار الفائدة دورا هاما في دراسة البنوك والنقود ، سواء كان هذا التغير زيادة أو نقصان ، لكنه يكون أكثر ضررا إذا كان هذا التغير زيادة كما كان هو سبب أزمة 1981 - 1982 التي لم تكن عفوية أو طبيعية ، بل جرت بسبب السياسة التي انتهجها المصرف الاحتياطي الفيدرالي، برئاسة بول فولكر آنذاك ، الذي رفع أسعار الفائدة كثيراً ليقضي على التضخم ، ولنركز في هذه الفقرة على زيادة سعر الفائدة حيث نجد أنه في الثمانينات كما ذكرنا آنفا أن أسعار الفائدة على الأوراق المالية كانت مرتفعة مقارنة مع أسعارها في التسعينيات ، ويعتبر سعر الفائدة هو أكثر المتغيرات الاقتصادية مراقبة وتتم مراقبة تحركاتها يوميا عن طريق الأسواق المالية ، وهي تؤثر بشكل مباشر على حيات الأفراد اليومية مثل قراراتهم من حيث التوفير أو تحويل الأموال إلى حساباتهم التوفيرية أو شرائهم للسندات أو البيوت من جهة أولى ، ومن جهة ثانية تؤثر على استهلاكا تهم ، ومن جهة ثالثة تلعب دورا هاما في النشاط الاقتصادي مثل تأثيرها على القرارات الاقتصادية لمنشأة الأعمال من حيث استخدام أموالها لشراء المعدات والأجهزة الجديدة وتوفير أموالها في البنوك(1).
تعتبر الفائدة عند الاستحقاق أدق مقياس لأسعار الفائدة فعند استخدام الاقتصاديين مفهوم العائد عند الاستحقاق فإنهم يقصدون سعر الفائدة ، ويقاس سعر الفائدة بعدة طرق تستخدم في سوق الائتمان حيث نجد أنه بعد ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع معدلات البطالة سابقا وظهور علامة الكساد على الاقتصاد الأمريكي كان بسبب ارتفاع أسعار البترول وخلاله بدأت أغلب العملاء في التأخر في عدم السداد أقساط التسديد وذلك لارتفاع الفوائد على قروضهم ، ولذا فإن أكثر الأمور حدة في هذه الأزمة هو حدوث خسارة لم يسبق لها مثيل في السيولة ، حيث قفزت أسعار الفائدة على المعاملات بين البنوك لأجل 3 أشهر بما يتجاوز بكثير أسعار الفائدة على الإقراض لليلة واحدة والمستخدمة كأداة للسياسة النقدية ، وحدث هذا في الوقت الذي سعت فيه البنوك إلى الحفاظ على ما لديها من سيولة أمام الضغوط الواقعة عليها ، وبسبب الزيادة المستمرة في عدم اليقين بمدى قدرتها المالية وتوزيع خسائر البنوك من حيازات الأوراق المالية المرتبطة بالرهون العقارية العالية المخاطر وغيرهما من أشكال الائتمان ، وانتشرت حالات نقص السيولة بصورة أوسع نطاقا حيث لجأت البنوك إلى تخفيض خطوط الائتمان وزيادة هوامش الضمان للأوراق المالية وزيادة طلبات إيداع هامش الوقاية من الوسطاء الماليين الآخرين(2)

الفقرة 3 : الإقراض والمبالغة في تقديم القروض
تتكون ميزانية أي بنك تتكون من جانبين هما الأصول والالتزامات وبمعنى أدق محاسبيا واقتصاديا هي مصادر الأموال واستخداماتها وإذا ما علمنا أن مصادر الأموال تتكون من مصدرين رئيسيين هما :
- مصدر خارجي متمثل في الودائع بمختلف أنواعهـــــــــــــا.
- مصدر داخلي متمثل في رأس المال (حصص المساهمين).
ولنركز في هذه الفقرة على المصدر الخارجي المتمثل في الودائع .





لقد توسعت المؤسسات المالية الأمريكية في منح القروض وخاصة المتعلقة بالسكن ، و عند ارتفاع سعر الفائدة على هذه القروض أدى إلى عجز العملاء عن السداد لدى البنوك ، مما أدى إلى شح في السيولة وبدأت البنوك في الخسائر لعدم الوفاء بديونها من طرف العملاء وارتفاع الرافع المالي لأغلب البنوك ، وبتالي تدخلت شركات التأمين في تغطية تلك الخسائر لكنها لم توفق لأن عمليات الإقراض كانت أكبر مما يفوق مراكز شركات التأمين ، وهذا مما أدى إلى سقوط و إفلاس كثير من هذه البنوك وشركات التأمين ، وبتالي وقع ارتباك في النظام المالي الأمريكي وانتشر الرعب داخل الأفراد الذين لديهم ودائع فبادر هؤلاء الأفراد بسحب ممتلكاتهم من تلك البنوك المتعثرة ، وهذا ما زاد الطين بلا ، وبما أن المؤسسات المالية تتميز بخاصية التشابك فإنه عند انهيار أو إفلاس مؤسسة مالية بسبب وضعها المالي السيئ فإن الذعر يصيب المودعين في المؤسسات المالية الأخرى التي يكون الوضع المالي لمعظمها جيدا ومن ثم يلجئون إلى سحب ودائعهم ، وهذا السحب المفاجئ للودائع يؤدي بهذه المؤسسات إلى الانهيار حتى ولو كان وضعها جيدا وسليما ، وهذا النوع يشبه لعبة الدومينو ، بحيث لو انهارت ورقة واحدة من أوراق اللعبة (الدومينو) انهارت باقي الأوراق ، ومن هنا يعتبر تدخل البنوك المركزية أمر ضروري(1) .
ابريطانيا وفرت السلطات ضمانات كاملة للودائع كي تساعد على استرداد ثقة المودعين بعد انهيار واحدة من كبرى المؤسسات المالية في تقديم القروض العقارية ، وبما أن عملية القرض المصرفي متقشفة فيجب التفكير فيها بتأن كما قال الكاتب والمحلل الاقتصادي بيات كابلير "صلابة قرض مصرفي أمر يجب التفكير فيه بتأن شديد" ، كما قال أنه من المهم مراقبة المقترضين والتصرف بأقصى درجات الحذر ، وربما أيضا عدم منح ثقة مبالغ فيها إلى الآليات الأوتوماتيكية وذات الطابع الحسابي للمنتجات المالية ، كما أن عدم إيضاح عملية التأمين ستؤثر على العديد من الأطراف مثل تراجع ثقة المستهلك في أمريكا منذ 17 عاما ونصف بنسبة 6% وكذلك مواجهة 300000 صاحب حساب خسارة مفاجئة لأموالهم حسب إحصائيات أمريكية أجريت بتاريخ:17/10/08(2) .

الفقرة 4 : سياسة صناديق التحوط
تعريف : هي صناديق للأثرياء فقط وليست لكافة الشعب ولا يمكن للصندوق الواحد أن يستوعب أكثر من 500 مستثمر حيث يدفع كل واحد منهم رسوم اشتراك بقيمة مليون دولار كحد أقصى ، ويصل أجر مدير الصندوق إلى 1-2 % من قيمة أصول الصندوق إضافة إلى 20% من أرباحه ، حيث نجد أن أجر بعض المدراء لهذه الصناديق وصل سنة 2006 مليار دولار ، وهذه الصناديق غير مسجلة ولا تخضع لأية رقابة مثل باقي الصناديق الاستثمارات العادية ، والمستثمر في هذه الصناديق يعتمد على المقامرة كما يحدث في الكازينو التي هي عبارة عن مؤسسات مالية نخبوية.
لقد احتلت هذه الصناديق مكانة هامة من مسببات الأزمة وذلك بعد أن كشفت هذه الأزمة شيئا جديدا عن طبيعة الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي تحديدا وهو السعي لجني الأرباح الهائلة والسريعة من خلال المجازفة على أساس إنتاج حقيقي والمكسب السريع والسيولة النقدية الهائلة أديا إلى انتشار هذه الصناديق في أنحاء العالم حتى باتت توصف بأنها مالكة الكون ، إذ تسيطر على ثلث مداولات الأسهم وبحوزتها 2 تريليون دولار ، وتعمل هذه الصناديق على أساس الاقتراض من مؤسسات مالية كالبنوك بأسعار فائدة منخفضة ثم تستثمر هذه الأموال مقابل فوائد مرتفعة وتربح من الفرق بين القيمتين وهو ما يعرف بالرفع المالي ، وقد قام صندوقا التحوط التابعان لشركة "بير- ستيرنز" البنك الاستثماري النيويوركي بجمع مئات ملايين الدولارات من المستثمرين الأثرياء واقترضا أضعاف هذا المبلغ من البنوك الكبيرة في وول ستريت وبدآ التداول بسندات سوق القروض العقارية الثانوية حتى أعلنا إفلاسهما كما شاركت العديد من البنوك بدرجات مختلفة في الاستثمار داخل سوق الرهن العقاري من خلال




صناديق التحوط الخاصة بها والتي لا تخضع لأية رقابة ولا يمكن معرفة القيمة الحقيقة لاستثماراتها وخاصة على ضوء الأزمة وسبب عدم سماح الإدارة الأمريكية برقابة هذه الصناديق التي احتلت البورصة وباتت تهدد السوق العالمية هو أن المبالغ التي ضختها هذه الصناديق للبورصة سمحت بانتعاشها والحقيقة أن هذه الصناديق بدأت تلعب وتقامر بالائتمان نفسه الذي يشكل ركنا أساسيا في الاقتصاد الأمريكي وحولت الرهان على الديون بكل أشكالها إلى مصدر أساسي للربح ، أما في ما يخص رأس المال الذي يعيش من المقامرة التي هي أساس صناديق التحوط نجده في المرة الأولى يسرق من المواطن كل ماله ، وفي المرة الثانية يقرضه من ماله المسروق ويجبي منه فائدة عالية حتى يصبح الفرد في وضع يعجز عن سداد ما عليه عندها يصادر منه بيته الذي هو آخر ما يملك(1) .

نتيجـــــة: تعد التداعيات الناجمة عن أزمة الرهون العقارية التي ظهرت على السطح في عام 2007 بسبب فشل ملايين المقترضين لشراء مساكن وعقارات في الولايات المتحدة في تسديد ديونهم للبنوك هي من أولى مسببات الأزمة المالية ، حيث أدت إلى حدوث هزة قوية للاقتصاد الأميركي، وقد وصلت هذه الهزة إلى اقتصاديات أوروبا وآسيا مطيحة في طريقها بعدد كبير من كبريات البنوك والمؤسسات المالية العالمية ، و في الحقيقة أسباب الأزمة الراهنة كثيرة جدا وكلها نسبية تعبر عن جزء من الحقيقة ، لكنها حتى لو اجتمعت بكاملها فلن تعبر لنا عن إجمالي الحقيقة لتفسير أسباب هذه الأزمة ، التي أصبحت تعد من أعظم الأزمات التي هزت العالم سابق ، حيث شهد أزمات دورية قبلها طيلة المائة سنة الماضية بعد كل من الأزمات:1876 - 1929- 1979- 1997- 1998-2001.


























الفصل الثاني : تداعيات الأزمة المالية

تتغير معطيات الأزمة المالية يوما بعد يوم ، ويبدو أن الأخطار التي نجمت عنها سوف تجرف في طريقها الكثير والكثير من اقتصاديات العالم ، فالأمر لم يعد مرتبطا بإفلاس البنوك والشركات وعجز الأفراد عن سداد مستحقات الحيات أو قروض البنوك أو العقار ، بل تعدى إلى عجز بعض الدول والوصول بها إلى حافة الإفلاس مثل أيسلندا وباكستان ، لذا فإن الأزمة قد دخلت مرحلة يمكن أن تترتب عليها مصائب خطيرة أكبر من قدرة الأشخاص والشركات ، وذلك لأنها مازالت في بدايتها ولا زال أمامها الكثير لتعصف به من بنوك ومؤسسات وشركات ... وكثير من الناس وربما بعض الدول ، لذا سنحاول أن نتطرق للآثار الظاهرة لهذه الأزمة ، مع أن هناك آثار خفية لم يفصح عنها ، وذلك من خلال ثلاثة مباحث تتخللها مطالب وفقرات :
المبحث الأول : الآثار الأولية (الآثار الإيجابية) المبحث الثاني :الآثار الثانوية (الآثار السلبية )
المبحث الثالث:الأزمة و الناميــــــــــــــــــــــــة

المبحث I : الآثار الأولية
"مصائـــــب قــوم عند قوم مكارم" ، بما أن الأزمة ما زالت في طريقها فإنه حتى الآن لا يمكننا حصر الأحداث التي ستنجم عن هذه الأزمة ، وذلك لأن منها ما لم يفصح عنه بعد ، ومن هذه الآثار ما هو إيجابي على أحد الأطراف ( الطرف المستهلك) ، وذلك من خلال انخفاض أسعار السلع الأولية والأساسية مثل السكر والأرز والذهب... ، لكن إن كان هذا الانخفاض إيجابي على الفرد المستهلك فإنه ينعكس سلبيا على المصدر المنتج الذي تكبد في إنتاج هذه المواد ما لا يمكن استرجاعه رغم تدني سعرها في السوق ، مع أنه لم يكن يتوقع ذلك ، لكنه أصبح ليس عليه سوى المقاومة والصمود لتخفيف شدة الخناق الذي يحيط به لأنه هنا أصبح أمام خيارين لا ثالث لهما :
الأول : الاستمرارية في الإنتاج ولكن بأقل تكاليف ممكنة ثم البيع بأسعار السوق المتهاويــــــــة .
الثاني : التوقف عن الإنتاج لكن توقفه المفاجئ هذا يعني إفلاسه وخروجه من دائرة العمل ، وهذا ما يفقده المصداقية داخل السوق ، وهذا ما لا تحبه أية مؤسسة مهما كان تخصصها "إنتاجية – خدمية – إعلامية..."(1) ، وتتمثل الآثار الأولية في المطلبين التاليين :
المطلب الأول : تراجع الأسعــــــــــار المطلب الثاني : الأزمة والمصاريف الإسلامية

المطلب الأول : تراجع الأسعار
تتمثل الانخفاضات الحادة الأخيرة لأسعار النفط والمواد الغذائية نهاية لأبرز فترة انتعاش التاريخية في أسعار السلع الأولية في القرن الأخير ، وهذا الانخفاض المفاجئ لأسعار السلع يوحي بأنه ما زالت هناك مخاوف حول جانب الطلب والعرض على الأمد الطويل ، لذا فإن العالم قد يكون بصدد الدخول في فترة طويلة من نقص الإمدادات في ضوء خشية البعض من تناقص أسعار النفط المتتالية وكذلك زراعة الحبوب الغذائية المرتبطة به ، فخلال فترة 2003 حتى منتصف 2008 ارتفعت أسعار النفط بمقدار 320% وكذلك أسعار المواد الغذائية ب 138% لكن نجد أن فترة الانتعاش التي طال أمدها قد بلغت محطتها الأخيرة حتى وإن كانت الآثار الاجتماعية والإنسانية الناجمة عن الارتفاع التاريخي للأسعار لم تنتهي بعد ، وبصفة عامة انخفضت جميع الأسعار في القطاعات متخلية بذلك عن جانب كبير





من المكاسب التي حققتها في وقت سابق ويعزى ذلك إلى تباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي وزيادة الإمدادات و تغير التوقعات الاقتصادية.
وقد توسعت آثار الأزمة من جهة أخرى من خلال انخفاض الأسعار ذات الأمد القصير "المواد الغذائية" لتطال السلع التي تدوم أكثر من 3 أعوام والتي انخفضت أسعارها بمقدار 6.25% في اكتوبر/ تشرين الأول 2008 ، وهذا ما شهدته أيضا مبيعات المنازل الجديدة التي انخفض سعرها إلى أدنى مستوى لها منذ 17 عاما حسب دراسة وزارة التجارة الأمريكية التي أجريت في اكتوبر/ تشرين الأول 2008 ، وهذا الانخفاض الذي شهده كل من الاستهلاك الداخلي ومشتريات السلع الطويلة الأجل كان أكبر مما توقع الاقتصاديون ، وهذا مما أدى بوليام سولفبان من مؤسسة جي في بي الأمريكية إلى التحذير من أن هذه المعطيات تثبت أنها أخبار سيئة ستعصف بكل القطاعات الاقتصادية ، كما أن تراجع أسعار مبيعات المنازل الجديدة صاحبه انخفاض في أسعار مواد البناء والعمالة وسيكون هذا الانخفاض في مصلحة العقاريين الذين وقعوا عقودا خلال الفترة التي كانت أسعار هذه المواد مرتفعة فيها ، كما تراجعت أسعار سلع وعملات أخرى مشتركة عالميا(1) ، ولنأخذ كمثال الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1: انخفاض أسعار النفط عالميا الفقرة 2 : هل من عملة بديلة للدولار الأمريكي؟

الفقرة1 : انخفاض أسعار النفط
لم تأتي الأزمة المالية الحالية لتظل بظلالها على المؤسسات المالية والشركات الصناعية بل أمدت لتطال آثارها المنظمات الغذائية والحكومية وغيرهما من المنظمات ولنأخذ هنا كمثال المنظمة الحكومية OPEC كمثال .
1 - تأسيس المنظمة: تأسست هذه المنظمة بتاريخ : 14/09/1960 في اجتماع عقد في العاصمة العراقية بغداد آنذاك ويضم 5 دول أساسية منتجة للنفط في حين (السعودية - إيران - العراق - الكويت -فنزويلا) وهي الآن تتكون من 13 دولة (قطر- ليبيا - الإمارات - الجزائر- نيجريا - انغولا- اندنوسيا -روسيا - إضافة للدول الخمسة المؤسسة) ، وتوفر هذه المنظمة 40% من النفط العالمي كما لديها 80% من احتياط النفط العالمي(2) .
2 - أثار الأزمة على المنظمة : لم تنسى الأزمة المالية هذه المنظمة من أن تمنحها نصيبها من الضرر الذي أصابت به جميع المؤسسات المالية والشركات الصناعية العالمية ، وقد تمثل نصيب هذه المنظمة من الضرر في التهاوي المستمر لسعر سلعتها الأساسية "البترول" يوما بعد يوم وذلك بعد أن وصل سعرها إلى ما لم يصله من قبل 147.27 دولار للبرميل الواحد خلال شهر يوليو/تموز 2008 صاعدا من 1.8 دولار للبرميل سنة 1970(3).
لكن هذه المنظمة لم تقف مكتوفة الأيدي بل بادرت بما تراه حلا أو مخففا للضرر الذي أصابها ، وهو قيامها بتخفيض صادراتها اليومية ، وذلك من خلال قممها الدولية المنعقدة واحدة تلو الأخرى ، فقد خفضت صادراتها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا خلال قمة أفينا التي عقدت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2008 ثم أتبعته بخفض ثاني تمثل في 2.2 مليون برميل يوميا في قمة وهران الجزائرية بتاريخ:17/12/08 ، إضافة إلى طلب المنظمة من الدول المنتجة للنفط والغير عضوية فيها بتقليص إنتاجها اليومي بحوالي 500- 600 برميل يوميا لمحاربة الانخفاض المتتالي لسعر برميل النفط ، وتتأثر الدول المنتجة للنفط بشكل كبير عند تراجع أسعاره وذلك لأن ميزانياتها تعتمد بشكل أساسي على عائدات البترول ، كما ينعش الانخفاض المتتالي لأسعار النفط ميزانيات دول أخرى ، ويعود تراجع أسعار النفط




نتيجة تقلص الطلب عليه من طرف الدول الكبرى المستهلكة له وعلى رأسهم USA ، ومن المتوقع أن يصل سعر برميل النفط إلى 25 دولار مستقبلا حسب توقعات المؤسسة المصرفية ميرل لينش الأمريكية ، وفيما يخص السعر اللازم لإحداث التوازن ترى مؤسسة فينش الأمريكية للتصنيف الائتماني أن السعر التوازني في الميزانية الدولية هو(1) :
*السعودية : 50 دولار للبرميل *الكويت : 42 دولار للبرميل *الإمارات : 31 دولار للبرميل
بينما يرى الأمين العام للمنظمة عبد الله سالم البدري بأن السعر المعقول للمنتجين والمستهلكين هو مابين 70- 90 دولار للبرميل .
ومن آثار الأزمة كذلك على المنظمة أنها أصبحت عائقا يمنعها من التوسع حيث أوقفت 60% من مشاريع التنقيب مثل الشركة الصينية العملاقة سن أوسي ، لأن هذه الشركات مبنية على عقود بأسعار 70دولار للبرميل وهو اليوم دون ذلك بكثير(2) .
الجدول (1) : يوضح الأسعار التي مر بها برميل النفط خلال العقود الأربعة السابقة :
التاريخ سعر البرميل التاريخ سعر البرميل التاريخ سعر البرميل
-/-/70 1.8 دولار 18/10/07 90 دولار 31/03/08 99 دولار
-/-/74 10 دولار 31/10/07 95 دولار 09/04/08 112دولار
-/-/79 20 دولار 01/11/07 96 دولار 14/04/08 113 دولار
-/-/81 39 دولار 06/11/07 97 دولار 15/04/08 114 دولار
-/10/90 41 دولار 07/11/07 98 دولار 16/04/08 115 دولار
-/05/04 42 دولار 21/11/07 99 دولار 15/07/08 147.27 دولار
-/09/04 50 دولار 31/11/07 90 دولار 05/12/08 40 دولار
-/06/05 60 دولار 02/01/08 100 دولار 15/12/08 49 دولار
31/08/05 70 دولار 06/03/08 105 دولار 28/02/09 46 دولار
22/09/07 80 دولار 11/03/08 111 دولار 19/03/09 50 دولار
المصــــدر : www.aljazeera.net "أسعار النفط خلال أربعة عقــــــــــــــــــــود " بتاريخ :17/04/08
تحليل الجدول : إذا ما نظرنا إلى النتائج المبينة في الجدول لوجدنا أنه خلال الفترة الممتدة مابين 1970 – 21/11/2007 شهد سعر برميل النفط زيادة ملحوظة من 1.8 دولار حتى وصل 99 دولار لينخفض بعد ذلك إلى 90 دولار ، ليعيد ارتفاعه من 100 دولار في تاريخ 02/01/08 حتى يصل 111 دولار بعدها تراجع إلى 99 ، ليتزايد بعدها إلى أن وصل أعلى سعر له على الإطلاق وهو 147.27 دولار في تاريخ : 15/07/08 لكنه لم يلبث طويلا إلى أن رجع إلى ما كان عليه خلال التسعينيات .

الفقرة 2 : هل من عملة بديلة للدولار الأمريكي ؟
هل توجد عملة يمكن أن تحتل مكانه أكثر أهمية من الدولار؟ وهل يمكن أن يساعد الحظ العملة الأوربية أو الصينية لتصبح هي العملة المسيطرة والرئيسية في العالم ؟؟؟ .
لنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال النقاط التالية :
1- رغم الصراع القائم بين الدولار واليورو فإنه يمكن لهذا الأخير أن يحل مكانة الأول ولكنه يتطلب فترة زمنية طويلة نسبيا "10-15 سنة " عندها يكون عملة لأكبر احتياطات العالم ، ومن النقاط التي قد تساعد على تدهور الدولار العجز المستمر في الحساب الجاري الذي اقترن بتدهور سعر صرف الدولار على المدى البعيد ، وكذلك احتمال وجود بديل حقيقي للدولار ، لكن هل هو اليورو طبعا ؟ .




2- لم يكن لدى الين ولا الاسترليني ولا الياو فرصة حقيقة ليحل أي منهما محل الدولار ، لكن اليورو قد يكون بديل إن لم يكون حقيقي للدولار، و السبب قد يكمن في أن اقتصاد منطقة اليورو أصبح ضخما مثل اقتصاد USA تقريبا وربما يتخطاه من خلال الاستمرار في هذا التوسع ، كما أن أسواق السندات في منطقة اليورو أصبحت الآن بالقدر نفسه من العمق وتوافر السيولة مثل نظيراتها في USA وقد يتحقق هذا نتيجة الصعوبات التي ستجدها العديد من الدول في المحافظة على أسعار عملاتها مقابل الدولار(1) .
من خلال الصراع القائم بين العملتين " الدولار - اليورو" أصبح اليورو يمثل أكثر من ربع احتياطات العالم بينما الدولار يمثل ثلثي هذه الاحتياطات ، لذا فإن الشركات التي فضلت الدولار في الماضي من السهل عليها أن تفضل اليورو مستقبلا ، ومنه فإن تراجع الدولار أمام العملة الأوربية يسبب لجوء البنك المركزي إلى تخفيض سعر الفائدة وهذا التراجع يعني خسارة نقدية للاستثمارات المرتبطة بالدولار سواء داخل USA أو خارجها كما تؤثر على الدول التي تعتمد عملاتها المحلية على سعر صرف ثابت أمام الدولار كما في أغلب دول الخليج ، وفيما يتعلق بهبوط صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة الأخرى ، نجده أدى إلى هبوط قيم الأسهم بين مطلعي عام 1987 وعام 2008 في الولايات المتحدة سبع مرات بنسب عالية(2) .

المطلب الثاني: الأزمة والمصاريف الإسلامية
يختلف نظام الاقتصاد الإسلامي عن غيره من الأنظمة فهو يعتمد في بنيانه على الإنسان في حاجاته وميوله وذلك من خلال عملية التوزيع والإنتاج ، ويقوم على أن هذه الحاجة والميول يجب إشباعهما في إطار يحافظ على إنسانيته وينميها ، ولا تعتبر عمليتا التوزيع والإنتاج فصلا ماديا للاقتصاد الإسلامي عن غيره ، فالتداول في مفهوم الاقتصاد الإسلامي جزء من عمليات الإنتاج ، لأن نقل الثروة من مكان لآخر يقرب المستهلك من المنتج مما يعني في كثير من الأحيان منفعة جديدة ، ويعتبر هذا تطويرا للمادة من شكل إلى شكل أفضل بالنسبة إلى حاجات الإنسان لكن الاقتصاد العالمي مبني على وهم مستندات مالية لا مقابل لها وقيمتها مرتبطة سياسيا بحجم الطلب في سبيل من المضاربات من دون تسليم فعلي للمواد ، وهذه الشكلية من التعامل يدحضها النظام المالي الإسلامي بمعناه المادي ولنتطرق للفقرتين التاليتين في هذا المطلب وهي :
الفقرة 1 : مدى الأزمة في المصارف الإسلامية الفقرة 2 : خصائص البنوك الإسلامية

الفقرة 1 : مدى الأزمة في المصارف الإسلامية
بما أن الآثار الناجمة عن الأزمة والتي أصابت المصارف الإسلامية وإن كانت غير مؤثرة فيها بشكل كبير فإنها لن تكون في المستقبل بمعزل عن الأزمات المالية ، وقد يكون ذلك ناتج عن قلة الحصة التي تسدها من سوق الخدمات المالية لدى المسلمين حول العالم والتي تقدر ب 15% وكذلك حجم أصولها المتوافق مع الشريعة الإسلامية والتي تبلغ حوالي 400 مليار دولار ، وهو أقل بكثير من حجم السوق الذي يبلغ 4 تريليون دولار ، وحسب الدراسات الاقتصادية المتخصصة تتوقع بأن يصل حجم الودائع والأصول لدى المصارف الإسلامية في نهاية 2010 إلى حوالي 500 مليار دولار يستثمر منها 25% في الشرق الأوسط و75% في باقي أنحاء العالم ، ونظرا لضخامة الأزمة المالية نجد أن تأثيرها على المصارف الإسلامية لم يكن بقدر تأثيرها على المصارف الأخرى(3) ، لكن ما السبب ؟






قد يكون ذلك ناتج عن المناعة التي تأتي من النظام نفسه " نظام المصارف الإسلامية " الذي يسقط المراهنة ويخفف المخاطر عبر توزيعها بين الممول والمستثمر لتصبح المشاركة في البنية الاقتصادية هي أساس تفاعل الاقتصاد الإنساني ويعد الإنسان هو العجلة المحركة للاقتصاد .

الفقرة 2 : ميزات البنوك الإسلامية
تهدف المصارف الإسلامية إلى تنمية المجتمع وإقالة المعسر وليس فقط تحقيق ربح بأية طريقة وهذه النقاط تعد من أهم خصائص البنوك الإسلامية وهي أرقى من مثيلاتها الأخرى ، كما أنها ترى أيضا بأن النقود لا تلد نقودا والفائدة محرمة لأنها من الربا والربا محرم في الإسلام وعوضا عن الفائدة تقدم المصارف الإسلامية ما يسمى بمعدل الربح ، كما أن البنوك الإسلامية لا تقدم قروضا بالمعنى المفهوم وإنما تمول مشروعات وتكون بالتالي شريكة في الربح أو الخسارة في ما يسمى بعقد المشاركة ، ولا تعتبر حرمة الفائدة هي الميزة الوحيدة للنظام المصرفي الإسلامي ، وإنما الميزة الأهم تكمن في حساب أدق لمخاطر الائتمان التي كان إغفالها يعد من أحد أهم أسباب الأزمة المالية الراهنة ، لأن البنوك الغربية منحت قروضا لمن لا يستطيعون سداد المبالغ السكنية حتى تولد عنه أزمة الرهن العقاري(1) ، والبنوك الإسلامية لم تواجه هذه الأزمة بنفس الآثار هل لأنها إسلاميـــة ؟ أم لأنها حـــــــــــذرة ؟.
للإجابة على هذه الأسئلة نجد أن القرآن الكريم يخص كتابة الديون والبيوع {{... فلرهان مقبوضة ...}} صدق الله العظيم ، والرسول صلى الله عليه وسلم رهن درعه مقابل مال ، بينما نجد الإمام مالك يقول : (( ...أرتهن إذا أقرض... )).

المبحث II : الآثار الثانوية
يمكننا أن نعبر عن الآثار الثانوية التي لا يمكن حصرها حتى الآن بالآثار السلبية للأزمة المالية ، لأن استخلاصها الآن وحصرها يعني الظهور بالمظهر المتعجل ، وذلك لتجددها وظهورها يوما بعد يوم ، لكن ليس علينا هنا في هذا البحث سوى جمع ما استطعنا جمعه قدر الإمكان وذلك من خلال ما ظهر لنا منها مع أننا نعلم أن الآثار متجددة لاحقا خاصة السلبية منها .
لو نظرنا إلى الآثار السلبية التي نجمت عن هذه الأزمة لوجدناها طالت البورصات العالمية و المؤسسات المالية … فالبورصات مازالت مستمرة في التهاوي ، أما المؤسسات المالية فلم تتوقف هي الأخرى عن التغيرات التي تعصف بها والتي أدت ببعضها إلى الإفلاس مثل إفلاس مصرف ليمان ابراذرز رابع أكبر بنوك USA ، كما أودت بالبعض إلى تغيير نشاطه مثل : جنرال موترز التي كانت إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في USA فقد تحولت إلى مؤسسة مصرفية ، ولنتناول الآثار الثانوية في المطالب الثلاثة التالية :
المطلب الأول : تراجع البورصات العالمية المطلب الثاني : دخول العالم مرحلة الركود
المطلب الثالث : انعكاسات الإفــــــــــــلاس

المطلب الأول: تراجع البورصات العالمية
بعد فشل بنكي الاحتياط الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوربي في التخفيف من حدة تراجع المؤشرات زادت الأمور توترا على الرغم من ضخ نحو 121.6 مليار دولار في بداية ظهور الأزمة لطمأن المستثمرين ووقف نزيف التراجع ، حيث نجد أنه خلال يوم واحد من التعامل أي يوم : 08/09/08 فقد مؤشر داوجونز الأمريكي 735 نقطة وهو أسوء تراجع عرفه تاريخيا وكان هذا التراجع بعد رفض الكونغرس لخطة الإنقاذ التي عرضها الرئيس بوش الابن والمتمثلة في 700 مليار دولار، كما




تراجع مؤشر ستاندرند آند بورز بواقع 150 نقطة... وقد يعود كل هذا التراجع الذي يلاحق البورصات العالمية والمؤسسات العالمية إلى ثلاثة عوامل هي :
العامل الأول : توسع المؤسسات المالية في منح الائتمانات العالية المخاطر للشركات والمؤسسات العاملة في مجال الرهن العقاري ، والتي لا تتوافر لديها الضمانات المالية الكافية لسداد التزاماتها تجاه الجهات المقرضة إلى أن وصل الأمر إلى حدة معانات هذه الجهات من عدم توفر السيولة اللازمة لتمويل أنشطتها.
العامل الثاني : يكمن في عدم قدرة مؤسسات التمويل العقاري على القيام بعمليات الاستحواذ التي أعلنت عنها الحكومة الأمريكية " خطة 700 مليار دولار" وذلك من عدم التمويل اللازم للقيام بهذه العمليات وهو ما أعطى مؤشرا سلبيا للاقتصاد الأمريكي .
العامل الثالث : والذي كان له بالع الأثر في تراجع البورصات الأمريكية التي ترتبط ببورصات العالم ارتباطا وطيدا ، وكذلك في عجز الحكومة عن توفير فرص العمل "زيادة معدل البطالة" وهذا مما يولد شعورا لدى المستثمرين بأن أكبر اقتصاد على مستوى العالم يمر بأزمة حقيقية ، ومن المعروف أن أسواق المال بالغة الحساسية لمثل هذه المؤشرات ، فكان التراجع الحاد في كافة مؤشرات البورصات الأمريكية.
من المعروف أن السوق الأمريكي يرتبط ارتباطا وطيدا بالاقتصاد العالمي وخاصة الأوربي والآسيوي ، وذلك لأن الشركات في هذه الدول تعتمد بنسبة 70% على ترويج منتجاتها داخل السوق الأمريكية ، لذا فإن أي تراجع يضر بالاقتصاد الأمريكي سوف ينعكس سلبا على حجم مبيعات وتراجع ربحية هذه الدول وعندها تظهر المؤشرات في التراجع مثل ما حدث مع بداية ظهور الأزمة والذي أدى بالبورصات العالمية إلى الانحدار والتقهقر(1) ، ولنتناول في هذا المطلب الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : انتقال العـــــــــــدوى الفقرة 2 : التسلسل الزمني لأحداث الأزمة

الفقرة 1:انتقـــــــــــــال العـــدوى
على إثر التراجع الذي أصاب أسهم كل من : وول ستريت أكبر بنوك أمريكا (شارع المال والأعمال) في 04/11/08 والبالغ 15% ليصل سعر السهم الواحد إلى 15.24 دولار وهو أفل سعر له منذ 2002 ، وكذلك مصرف أوف أمريكا بمقدار 21% ليصل كذلك سعر السهم الواحد إلى 26.55 دولار وهو أقل سعر منذ 1982 ، وكذلك خسرت أسهم أمريكان اكسبرس أكبر شركات بطاقات الائتمان الأمريكية 8.9% من قيمتها ليصل سعر السهم الواحد 35.48% ، كما هبطت أسهم غولد مان ساكس ب 12% ، وجي بي مورغان تشيس أند كومباني ب 10% ، ثم مورغان استانلي أكبر شركات التعامل بالأوراق المالية للخزانة الأمريكية ب 14% ، بعد ذكرنا لقليل من كثير لهذا النوع من الأحداث انتقلت العدوى إلى كافة البورصات العالمية فمثلا : انخفض المؤشر العام بنسبة 7.1% في فرانكفورت و 6.8% في باريس ، و 5.4% في لندن ، و 7.5% في مدريد ، و 3.8% في طوكيو ، و 5.1% في شنغهاي ، و 6% في ساوباولو ، و 9.8% في الرياض ، و 9.4% في دبي ، و 3% في بيروت ، و 4.2% في القاهرة. (2)

الفقرة2: التسلسل الزمني لأحداث الأزمة
من أهم الأحداث التي نجمت عن الأزمة الراهنة ما يلي :
1)- .../فبراير/شباط 2007 : عدم تسديد تسليفات الرهن العقاري (الممنوحة لمدينين لا يتمتعون بقدرة كافية على التسديد) في الولايات المتحدة مما سبب أولى عمليات الإفلاس في مؤسسات مصرفية متخصصة.





2)-.../يونيو/2007 : مصرف الاستثمار الامريكي bear stearns هو أول بنك كبير يعاني من خسائر قروض الرهن العقاري .
3)-.../أغسطس/آب 2007 : البورصات تتدهور أمام مخاطر اتساع الأزمة ، والمصارف المركزية تتدخل لدعم سوق السيولة.
4)- .../سبتمبر/أيلول 2007 : بنك انجلترا يمنح قرضا إستعجاليا إلى مصرف Nothern Rock لتجنبه الإفلاس وقد تم بعد ذلك تأميمه .
5)-.../أكتوبر/تشرين الأول ـــ ديسمبر/كانون الأول 2007 : عدة مصارف كبرى تعلن انخفاضا كبيرا في أسعار أسهمها بسبب أزمة الرهن العقاري .
6)- 22 يناير/كانون الثاني 2008 : الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) يخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة أرباع النقطة إلى 3.50% وهو إجراء ذو حجم استثنائي ، ثم جرى بعد ذلك تخفيضات تدريجية إلى 2% بين يناير/كانون الثاني ونهاية أبريل/نيسان .
7)- 17 فبراير/ شباط 2008 : الحكومة البريطانية تؤمم بنك "نورذرن روك Nothern Rock".
8)- 11 مارس/آذار 2008 : تضافر جهود المصارف المركزية مجددا لمعالجة سوق التسليفات .
9)- 16 مارس/آذار 2008 : "جي بي مورغان تشيز" يعلن شراء بنك الأعمال الأميركي "بير ستيرنز bear stearns " بسعر متدن ومع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي .
10)-.../يوليو/تموز 2008 : الضغط يشتد على مؤسستي fanni mae /freddie mac الامريكيتين المتخصصتين في إعادة تمويل القروض العقارية والخزينة الأمريكية تعلن عن خطة لإنقاذ القطاع العقاري(1).
11)- 7 سبتمبر/أيلول 2008 : وزارة الخزانة الأميركية تضع المجموعتين العملاقتين: فريدي ماك "freddie mac" وفاني ماي "fanni mae" في مجال تسليفات الرهن العقاري تحت الوصاية ، طيلة الفترة التي تحتاجاها لإعادة هيكلة ماليتهما ، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.
12)-12 سبتمبر/أيلول 2008 : الأزمة المالية تطغى على المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك .
13)- 15 سبتمبر/أيلول 2008 : اعتراف بنك الأعمال "ليمان براذرز" بإفلاسه ، كما يعلن أحد أبرز المصارف الأميركية وهو بنك أوف أميركا شراء بنك آخر للأعمال في وول ستريت هو " ميريل لينش".
14)- 15/سبتمبر/أيلول/2008 : بنك أوف أمريكان يعلن شرائه لمصرف ميرل لينش .
15)- 16 سبتمبر/أيلول 2008 : الاحتياطي الاتحادي والحكومة الأميركية تؤممان بفعل الأمر الواقع أكبر مجموعة عملاق التأمين في العالم أي آي جي المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 9.79% من رأسمالها.
16)- 17 سبتمبر/أيلول 2008 : البورصات العالمية تواصل تدهورها والتسليف يضعف في النظام المالي وتكثف المصارف المركزية العمليات الرامية إلى تقديم السيولة للمؤسسات المالية .
17)- 18 سبتمبر/أيلول 2008 : البنك البريطاني "لويد تي أس بي" يشتري منافسه "أتش بي أو أس" المهدد بالإفلاس
18)- 19 سبتمبر/أيلول 2008 : الرئيس الأميركي السابق جورج بوش يوجه نداء بالتحرك فورا بشأن خطة إنقاذ المصارف لتفادي تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة.
19)- 26 سبتمبر/أيلول 2008 : انهيار سعر سهم المجموعة المصرفية والتأمين البلجيكية الهولندية فورتيس في البورصة بسبب شكوك بشأن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها ، وفي الولايات المتحدة يشتري بنك جي بي مورغان منافسه واشنطن ميوتشوال بمساعدة من السلطات الفدرالية.
20)- 28 سبتمبر/أيلول 2008 : خطة الإنقاذ الأميركية موضع اتفاق في الكونغرس .




21)- 29 سبتمبر/أيلول 2008 : مجلس النواب الأميركي يرفض خطة الإنقاذ ، وول ستريت تنهار بعد ساعات قليلة من رفض الخطة ، و تراجع البورصات الأوروبية بشكل حاد في حين واصلت معدلات الفوائد بين المصارف ارتفاعها مما أدى إلى منع المصارف من إعادة تمويلاتها لذاتية .
22)- 19 اكتوبر/تشرين الأول : مصرف كيس ديبارني الفرنسي يخسر 819.78 مليون دولار في حادثة برصة .
23)- 01 /أكتوبر/تشرين الأول 2008 : مجلس الشيوخ الأميركي يقر خطة الإنقاذ المالي المعدلة.
24)- 25/اكتوبر/تشرين الأول2008 : مصرف ألف يعلن إفلاسه وهو المؤسسة 16 التي تعلن إفلاسها وفي نفس اليوم خسرت التدفقات الخليجية 200 مليار دولار.
25)- 26/اكتوبر/تشرين الأول 2008 : بنك الخليج ثاني أكبر بنوك الكويت يخسر 966 مليار دولار .
26)- شركة ياموتو اليابانية أول شركة تعلن إفلاسها على التراب الياباني .
27)- بيعت مؤسسة واشنطن ميوتشوال للخدمات المالية " أكبر الصناديق الأميركية العاملة في مجال الادخار والإقراض" لمجموعة جي بي مورغان المصرفية العملاقة بـ 1.9 مليار دولار.
28)- بنك ميريل لينش أحد البنوك الاستثمارية الكبرى في الولايات المتحدة يضطر لقبول عرض شراء من بنك أوف أميركا خشية تعرضه للإفلاس .
29)- الحكومة الأميركية تعمل على تأميم الجزء الأكبر من نشاط شركة أي آي جي العملاقة وأكبر شركة تأمين في العالم وذلك بعد شرائها ديون الشركة المتعثرة بمبلغ 85 مليار دولار.
30)- انخفاض حاد في الأسواق المالية العالميــــــــــــــــــــة .
31)- الحكومة البريطانية تضطر للتدخل لإنقاذ بنك أتش بي أو أس عن طريق قيام بنك لويدز بشرائه بمبلغ 12 مليار جنية إسترليني .
32)- عشرات الآلاف من موظفي البنوك والمؤسسات المالية في أميركا وجميع أنحاء العالم يفقدون وظائفهم .
33)- بنك واكوفيا رابع أكبر مصرف في الولايات المتحدة بيع لمؤسسة سيتي غروب المصرفية الأميركية ضمن موجة الاندماجات في السوق الأميركية لمواجهة تبعات الأزمة المالية.
34)- أمريكان انترناشيونال المحمومة تريد الحصول على 40 مليار دولار لعدم الانهيار(1) .

الفقرة 3: أبرز المؤسسات المالية العالمية المتضررة:
1- نورذرن روك: وهو بنك بريطاني للتمويل العقاري في ملكية الحكومة البريطانية يوجد مقره في ( ريجينت سانتر) في انيوكاسل شمال شرق انجلترا ، وقبل 1997 م كان هذا البنك يحمل اسم نورذرن روك بليدينغ سوسايتي، الذي رأى النور عام 1965 واشترى على مدى ثلاثين عاما عددا من الشركات في عام 1997 دخل نورذ رين روك بقوة سوق لندن للأوراق المالية وحقق أداء جيدا عام 2000 م قبل أن يتراجع بشكل كبير أواخر عام 2007 بخسائر قدرها 224 مليون دولار، بعدما حقق أرباح تزيد عن 600 مليون جنيه إسترليني عام 2006 ، في 14 ديسمبر 2007 سعى البنك للحصول على دعم من بنك انجلترا وحصل عليه من أجل مواجهة المشاكل التي تشهدها أسواق الائتمان على خلفية أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة ، في فبراير 2007 تم تأميم البنك بعد فشل محاولتين إحداهما كان ورائها كونسورنيوم تقوده مجموعة فيرجيني البريطانية للاستحواذ على البنك وفي الشهر نفسه تم تعين رون ساندلر رئيسا لمجلس الإدارة التنفيذي للبنك.
2- بنك لويد ز ني إس بي البريطاني تأسس في شكله الحالي عام 1995 م لكن جذوره تعود إلى سنة1765 تاريخ تأسيس لويدزبنك ويشتغل في لويدز ني أ س بي الذي رأى النور بعد اندماج لويدز بنك الذي يعد من أعرق المصارف البريطانية وتداستي سابفينغ بنك حوالي 74 الف موظف ، وبذلك الاندماج




أصبح لويدزني اسي بي مسجل قانونيا في اذنيرة باسكتلندا ومقره الرئيسي يوجد في العاصمة البريطانية لندن، إضافة إلى مكاتبه في مختلف أنحاء المملكة المتحدة. يمتلك لويدز تي اس بي فروعا في أمريكا وأوربا والشرق الأوسط وآسيا ، وفي خضم الأزمة المالية العالمية وحركة الاندماجات بين المؤسسات اشتري لويدز تي اس بي في 18 ديسمبر 2008 مصرف هاليفاكس بانك أوف سكوتلاند را وتش بي أوإس) لقاء 2.93 مليار دولار كله بالأسهم.
3- سيش غروب: تأسست عام 1997 بعد انصهار مؤسستي سيتي غروب وترافرز اغروب لتصبح بذالك أكبر مؤسسة مصرفية في الولايات المتحدة ، ويمثل الاندماج بين سيتي غروب وترافرز غروب تتويجا لتاريخ طويل من الصفقات الكبرى في الاقتصاد الأمريكي يعود في البداية إلى "سيتي بنك اوف نيويورك" الذي تأسس في يونيو 1812 ، ويشتغل حاليا في سيتي غروب حوالي 358000 موظف موزعين في مختلف أنحاء العالم وتشرف المجموعة على أكثر من مائتي مليون حساب بنكي في أكثر من
100 بلد ، ويعتبر الأمير السعودي الوليد بن طلال أكبر مساهم في سيتي غروب حيث تصل حصته إلى4.9% في البنك، سواء بشكل مباشر أو عبر شركة المملكة القابضة التي يملك فيها حصة تبلغ %95 وفي خضم الأزمة المالية العالمية منيت سيتي غروب بخسائر وصلت إلى 25 مليار دولار في الربع الثاني من 2008 وقامت بالاستغناء عن المزيد من الموظفين بسبب تداعيات أزمة قروض الرهن العقاري وفي سياق تلك الأزمة تعتزم سيتي غروب شراء العمليات الخاصة لبنك واكوفيا رابع أكبر صرف في الولايات المتحدة ضمن الموجة التي تشهدها الأسواق الأمريكية ، وبموجب تلك الصفقة التي تمت بوساطة مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية تدفع سيتي غروب 2.6 مليار دولار من الأصول المصرفية والالتزامات الأخرى.
4- بنك غولدمان ساكسي الأمريكي : يعتبر هذا البنك الذي أسس عام 1869 على يد المهاجر اليهودي من أصل ألماني "ماركوس غولدمان" مصرفا ذا شبكة واسعة من الفروع بأنحاء عدة من العالم، والتحق بنك غولدمان ساكسي الاستثماري بسوق نيويورك للأوراق المالية في 1896 ويشتغل به حوالي 30000 موظف موزعين في شبكة فروعه بكبرى المراكز المالية العالمية ، واشتهر غولدمان ساكسي الذي يعتبر أكبر بنوك الاستثمار الأمريكية بتقديم الاستثمارات المالية و التدبيرين للمؤسسات الاقتصادية والعائلات الثرية في مختلف أنحاء العالم ، وتأثر غولدمان مطلع العام الماضي (2008) سلبا بأزمة الرهن العقاري التي انفجرت عام 2007 بالولايات المتحدة وفي أولى تداعيات تلك الأزمة أعلنت ادارة البنك مطلع 2008 الاستغناء عن حوالي (1500 موظف) على مدى عدة أشهر، بناء على تقييم مستوى العاملين فيه.
كما انخفضت أرباح غولدمان ساكس في الربع الثالث من عام 2008 بنسبة 70% لتراجع الإرادات في كل أنشطة البنك تقريبا ، ولمواجهة التحديات الحادة للأزمة المالية قرر غولدمان ساكس تغيير شكله القانوني والاقتصادي والتحول من بنك استثماري إلى شركة مصرفية قابضة ، وقد وافق مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي ) في 21 سبتمبر 2008 على ذالك التحول لتكون تلك الخطوة بمثابة إعلان نهاية نموذج البنوك الاستثمارية في أمريكا، ويرى الخبراء الاقتصاديون في تحول البنوك الاستثمارية بهذه الطريقة نوعا من الإقرار بأن أنماط التمويل والاستثمار التي كانت متبعة فيها باتت خطيرة وبحاجة لحماية في تشكل ودائع مصرفية(1).
5- فورتيس : وهي مجموعة مالية رأت النور في العام 1990، ويتوزع نشاط هذه المجموعة بين العمل البنكي والتأمينات مقرها في بلجيكا،احتلت عام 2005 المرتبة الأولى في بلجيكا من حيث الخدمات المصرفية للعملاء الخاصين في بلجيكا ، وبدأت عام 2005 سياسة توسع خارج البلاد بهدف رفع قيمة أسهمها بمعدل 10% إلى غاية 2009 وتحقيق أرباح بقيمة حوالي 20%خارج بلدان البنولوكس الثلاثة( بلجيكا، هولندا،لوكسمبورغ ) ، لكن أسهم المجموعة فقد منتصف 2008 حوالي 69% من قيمتها قبل أن





تدخل المؤسسة في سبتمبر 2008 أزمة حقيقية على خلفية أزمة الرهن العقاري ، ومحاولة لإخراجها من الأزمة قررت بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ أواخر سبتمبر 2008 تأميمها جزئيا للمصرف قدر ب 11.2 مليار يورو وتقرر أن تستثمر بلجيكا 4.7 مليارات يورو مقابل مشاركتها بنسبة 49%في الفرع البلجيكي للمجموعة وأن تضخ هولندا 4 مليارات يورو مقابل 49% من الفرع الهولندي للمصرف،ولوكسمبورغ 2.5 مليار يورو مقابل %49 من فرع المصرف في لوكسمبورغ ، وبعد ذلك بأقل من أسبوع استحوذ بنك بي ان بي باريبا أكبر بنك فرنسي على فروع مصرف فورتيس بعد مفاوضات مكثفة ، وتشمل العملية مجمل نشاطات مصرف فور تيس في بلجيكا ولوكسمبورغ وكذالك في أربع دول أخري وهي تركيا وبولندا وألمانيا وفرنسا والتي تقدر مابين 15- 16 مليار يور.
6- بنك اف امريكا: هو اكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية قبل عام 1998 ، كان بنك أف أمريكا يعرف نيشنزبنك وقبيل ذالك بوقت كان يعرف بنورث كارولينا نيشنزبنك واختصاره( NCNB ) وفي عام 1998 استولي نيشنزبنك علي بنك أمريكا ومقره آنذاك سان فرانسيسكو وأعاد تسمية البنك إلي اسمه الحالي بنك اوف أمريكا. وفي عام 2007 بلغ عدد موظفي البنك 21 ألفا في حين بلغت قيمة دخل البنك الإجمالية 119.19 مليار دولار في العام أما صافي الدخل العام 2007 فقد بلغ 14.98 مليار دولار وبلغت قيمة الأصول 1.72 مليار دولار ، وجاء بنك أمريكا نتيجة دمج بين بنك إيطاليا الذي تأسس في سان فرانسيسكو بواسطة ما ديوجيا نينى في العام 1904 وبنك لوف أمريكا لوس أنجلوس ، ففي أواخر العشرينيات عرض جينانيني على أورايوجين مونيتي رئيس ومأسس بنك أوف أمريكا لوس انجلس اندماجا بين المؤسستين والذي اكمل في أوائل 1929 وأخذ اسم بنك أمريكا الشمالية(1).
7- بنك براد فورد آند بيغلي (بي آندبي) : البريطاني في ديسمبر 2000 ويوجد مقره في ويست يوركشاير (بينغلي)ويعد بي آندبي تاسع أكبر مؤسسة للإقراض العقاري في بريطانيا من القطاع الخاص،وتبلغ مدخراته حوالي 44 مليار دولار وفروعه تبلغ حوالي 200 فرع ، ويعد بي آندبي الذي يشتغل فيه أكثر من300 موظف أحدث ضحايا الأزمة المالية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة منتصف2007 وعلى خلفية تلك الأزمة التي تمثلت في انهيار كبير في البورصة قررت الحكومة البريطانية في 28/09/08 رسميا تأميم سجل الرهون العقارية البنكية للبنك الذي يبلغ حجمه 54.66 مليار دولار وجاء إعلان التأميم بعد يوم من كشف مؤسسة سانتاندر المصرفية الإسبانية العملاقة عزمها الاستحواذ على الودائع الصغيرة وشبكة فروع البنك للرهون العقارية ، وتم تأميم البنك بموجب قانون خاص وضعته وزارة المالية البريطانية عندما انهار بنك نورد رن روك وأمم نتيجة لذلك في وقت سابق من عام 2008.
8- المؤسسة فاني ماي: تأسست الجمعية الاتحادية للرهن العقاري الوطني باسم مؤسسة فاني ماي بغرض شراء الرهون من المصارف كما كانت تفعل الشركات الخاصة ولكن باستخدام دولارات دافعي الضرائب، وكان لدى فاني ماي ميزة على اعتبار أن بإمكانها أن تقترض الأموال من الحكومة الاتحادية بشكل أرخص مما تستطيعه المؤسسات الخاصة ،وهكذا أصبحت قادرة على احتكار سوق الرهن الثانوية المرتبطة بالبنوك ، وأعلنت فاني ماي في أغسطس 2008 أنها تكبدت خسائر فصلية بلغت 22 مليار دولار وهي رابع خسارة فصلية على التوالي وذالك بسبب أزمة الرهن العقاري ، وكان قد تم تأسيس فاني ماي عام 1938 لتنظيم سوق الديون العقارية في الولايات المتحدة وبلغ حجم أصولها حتى نهاية مارس 2008 حوالي 843 مليار دولار في حين بلغت ديونها 544 مليار دولار وانخفض رأس مالها إلى 706 مليار دولار من نحو 29 ملياردولار في نهاية العام 2007 ، واستحوذت المؤسسات على نصف الرهون العقارية في الولايات المتحدة بحجم تعاملات بلغت نحو 6 تريليون دولار من أصل نحو 12 تريليون دولار هو إجمالي حجم القروض العقارية في الولايات المتحدة ، والشركتان غير حكوميتان لكنهما يعملان بموجب قوانين اتحادية وتشريعية إذ يعتبر فاني ماي شركة مساهمة مختصة بتمويل الإسكان في حين تختص فيريدي ماك بتوفير السيولة للجهات الممولة للمساكن ، وينظر المستثمرون عموما إلى مايسمى




بالكيانات التي ترعاها الحكومة على أنها تحظى بدعم ضمني من واشنطن ويعتبرونها الملاذ الأخير لسوق الإسكان الأمريكية في خضم أسوأ ممول سلبي تشهده منذ الكساد الكبير في القرن الماضي.
9- أمريكا انترناشيونال غروب (أي أي جي ) : هي أكبر مؤسسة تأمين في الولايات المتحدة الأمريكية وتحتل المركز18 بين أكبر الشركات في العالم في 16/09/08 عانت شركة أي أي جى من أزمة سيولة عند تدني تصنيفها المالي وفقدان سهمها 95% من قيمته ليصل إلي 1.25 دولار إضافة إلي خسائر في أول ستة أشهر من العام بلغت 12.2 مليار دولار سارع الاحتياطي لإتحادي الأمريكي إلي إنقاذها من الانهيار بناءا علي طلب منها فقدم لها 85 مليار دولار علي شكل قروض مقابل حصة تملك تبلغ 79.9% فيها ، وتعتبر خطوة الإتحاد الأمريكي أكبر خطوة انقاذ لمؤسسة مالية أمريكية علي الإطلاق من قبل الحكومة ، ويعود تأسيس المجموعة إلي عام 1919 وامتدت أنشطتها بعد ذالك لتشمل أسواقا كثيرة في العالم ، تعرضت أي أي جي في بداية القرن الحالي لتحقيقات من جهات حكومية بسبب اتهامات مسئوليها بالاحتيال ففي عام 2005 تم تغريمها بمبلغ 1.6% مليار دولار ووجهت اتهامات إلي بعض مسئوليها ، وبلغ رأس مال المجموعة في السوق 7.22 مليار دولار في 18/09/08 وبلغت عائداتها 110.064 ملياردولار في 2007 في حين أن قيمة موجوداتها بلغت في الربع الثاني من 2008 حوالي1.050 تريليون دولار.
10- مؤسسة واشنطن ميوتشوال :كانت هذه المؤسسة قبل أن تنهار في 25 سبتمبر 2008 تعتبر أكبر الشركات الأمريكية العاملة في مجال الادخار والقرض ، وتأسست واشنطن ميوتشوال التي يوجد مقرها المركزي في مدينة سياتل بولاية واشنطن علي الساحل الشرقي عام 1889 وقبل أن تنهار كانت مؤسسة واشنطن ميوتشوال تعتبر سادس أكبر بنك في الولايات المتحدة حيث بلغت قيمة أصولها أكثرمن 227 مليار دولار ، وعلي خلفية أزمة الرهن العقارية انهارت واشنطن ميوتشوال عندما انخفض تصنيفها الائتماني عالية المخاطر ما دفع المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع إلى الاستيلاء عليها لتأمين ودائع العملاء ، وقد أنقذت مجموعة جي بي مورغان المصرفية العملاقة واشنطن ميوتشوال بشرائها حسابات الإيداع لديها مقابل 1.9 مليار دولار، وبموجب تلك الصفقة تعهد جي بي مورغان أن لا يقف المودعون في واشنطن ميوتشوال أية أموال ليصبح جي بي مورغان أكبر مصرف أمريكي من حيث قيمة الودائع حيث أن ودائع ميوتشوال البالغة 188 مليار دولار رفعت من ودائعه الإجمالية إلى أكثر من 900 مليار دولار ووصلت مؤسسة واشنطن ميوتشوال إلى حافة الانهيار عندما أصبحت في حاجة للحصول على تمويل من الأسواق المالية وهو ما بات صعبا في ظل الأزمة المالية التي يعيشها العالم(1).
11- ليمان براذرز: كان يعد أكبر مصرف استثماري بالولايات المتحدة أسسه ثلاثة مهاجرين ألمان يتاجرون بالقطن عام 1850 يعمل لدى البنك 25935 موظف بشتى أنحاء العالم ، وواجه البنك صعوبات جمة جراء أزمة العقارات التي تعصف بالولايات المتحدة منذ منتصف 2007 وقد اضطر ليمان لإسقاط أصول بقيمة 5.6 مليارات دولار بالربع الثالث من 2007 وأعلن عن خسارة بلغت 2.9 ملياردولار في الربع الثاني من 2008 ، وتفاقمت الأزمة حتى أشهر إفلاسه يوم 15/09/2008 عقب فشل جهود بذلت من طرف إدارة البنك لإنقاذه وتقدم بطلب إشهار الإفلاس إلى محكمة الإفلاس لمنطقة جنوب نيويورك وخسر سهم ليمان أكثر من 92% من قيمته بالمقارنة بأعلى مستوياته عند 67073 دولار في نوفمبر2007 ،وشغل منصب الرئيس التنفيذي للبنك رتشالد فولد منذ ثلاثين عاما والذي كان يوصف بأنه رائد خبير في مجاله ، واعتبر المتخصصون الاقتصاديون إفلاس ليمان أشهر حالة في وول سيترايت منذ انهيار مؤسسة دركسل برنام لامبرت المنخفضة بالسندات عالية المخاطر عام 1990 ، وكان لإفلاس ليمان آثار سلبية كبيرة على الأسواق العالمية فأدى إلى تراجع الأسواق الرئيسية بالعالم ولم تكن الساحة العربية بمعزل عن ذالك حيث لحقها ضرر كبير بما أدى لانهيار عدد من أسواقها.





12- بنك واكوفيا الأمريكي: تأسس رسميا عام 1908 لكن جذوره تعود إلى عام 1781م عندما تشكل أول مصرف في الولايات المتحدة وهو بنك أمريكا الشمالية ويعتبر بنك واكوفيا الذي يوجد مقره المركزي في مدينة شارلوت بكارولنيا الشمالية رابع أكبر مصرف في الولايات ويشتغل فيه حوالي 122 ألف موظف ، وفي خضم الأزمة المالية التي اندلعت 2007 في الولايات المتحدة ولا تزال تداعياتها متواصلة في أنحاء العالم ،انخفضت أسهم بنك واكوفيا في إحدى جلساته سبتمبر2008 بما يتجاوز90% أي إلى مادون دولار للسهم ، وفي إطار موجة الاندماجات التي شهدتها السوق الأمريكية في خضم الأزمة المالية سقط بنك واكوفيا في يد مؤسسة سيتي غروب وهي أكبر مجموعة مصرفية في الولايات المتحدة فقد أعلنت سيتي غروب عزمها شرائها العمليات الخاصة لبنك واكو فيا في إطار صفقة أشرفت عليها مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية ضمن التزام الحكومة الأمريكية بالاستقرار المالي والاقتصادي وتوفر تلك الصفقة الحماية الكاملة لمودعي واكوفيا بدون توقع تكلفة لصندوق التأمين على الودائع ولا ترى مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية في تلك الصفقة عنوانا لفشل واكوفيا.
13- مورغان ستانلي: يعتبر مورغان ستانلي الذي رأى النور في سبتمبر 1925 من أكبر المؤسسات المالية الأمريكية ويوجد مقره المركزي في نيويورك إلى جانب مئات من الفروع في عشرات البلدان،وبالإضافة إلى فروعه في مختلف أنحاء الولايات المتحدة يمتلك مورغان ستانلي حوالي 600 فرعا خارج البلاد في 23 بلدا ويشتغل لديه حوالي 45000 موظف ، وتشير تقارير مورغان ستانلي الداخلية إلى أن الأصول التي توجد رهن تصرف المؤسسة تبلغ حوالي 779 مليار دولار لكن مورغان ستانلي وجد نفسه في أواخر سبعينات القرن الماضي في خضم أزمة تدبير حادة تمثلت في رحيل عدد من أكثر كوادره كفاءة ومهنية ، وتمكن البنك لاحقا من استعادة قوته وفي منتصف 2007 وأسس أكبر صندوق في مجال الاستثمار العقاري بقيمة 8 مليارات دولار للاستثمار في أمريكا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا ،ورغم ذالك لم يسلم مورغان ستانلي من تداعيات الأزمة المالية التي دخلتها الولايات المتحدة عام 2007 إذا اضطر إلى تغيير شكله من مصرف استثماري إلى شركة مصرفية قابضة وقد وافقت السلطات المالية الأمريكية في سبتمبر 2008 ليصبح مورغان سانتلي شركة مصرفية قابضة تخضع لضوابط مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
14- مجموعة اليانس آندلايستر البريطانية: تأسست عام 1985 بعد اندماج آليانس بليدنغ سوسايتي ولايستر بليدنغ سوسايتي وتحولت آلياس آندلايستر إلى مؤسسة مصرفية عام 1997 عندما دخلت إلى سوق الأوراق المالية بلندن ، ويشغل بآليانس آندلايستر حوالي 600 موظف ، وقد تأثر البنك سلبا بالأزمة المالية التي عصفت في البداية بالولايات المتحدة قبل أن تمتد تداعياتها إلى باقي بلدان العالم وفي مقدمتها الأسواق المالية في أوروبا ، وعلى خلفية تلك الأزمة أعلن آليانس آندلايستر في منتصف يوليو2008 أن بنك سانتا ندز الاسباني سيشتريه بقيمة 1.626 مليار دولار فقط مع زيادة رأس ماله بواقع مليار جنيه إسترليني ، وقد وقع المساهمون الرئيسيون في البانس آندلايستر على ذالك القرار في اجتماع عقد في 16/09/08(1).
15- بنك بيرستير نزكومبانيز : صار يعرف اختصارا باسم بيرسيترنز عام 1922 برأس مال قدره 500000 دولار وبقي مقره المركزي في نيويورك وفتح فروعا في عدة مناطق بالعالم ظل بيرسيترنز معروفا باعتباره واحدا من أكبر بنوك الاستثمارات وتداول الأسهم في العالم قبل أن يبدأ من مطلع عام 2007 في التأثر سلبا بأزمة الرهن العقاري التي هزت الاقتصاد الأمريكي ، على خلفية تلك الأزمة تدخل مجلس الاحتياطي الاتحادي في مارس 2008 لمساعدة و إنقاذ هذا البنك،ولم يفلح ذالك التدخل في إنقاذ بيرسيترنز الذي كان يشغل أكثر من 15000 موظف في فروعه الموزعة على مختلف أنحاء العالم واستحوذ عليه منافسه بي جي بي مورغان بشكل نهائي في 20/05/08 وقد بدأت محاولات الاستحواذ في16/03/08 عندما عرض بنك جي بي مورغان شراءه مقابل دولارين للسهم ضمن صفقة توسط فيها




مجلس لاحتياط الاتحادي لتجنب الإفلاس وتفشي عدم الثقة في النظام العالمي ، وفي 24/03/08 رفع بي جي مورغان قيمة العرض لنحو 10 دولارات للسهم في محاولة لاسترضاء مساهمين غاضبين تعهدوا بمقاومة الصفقة الأصلية وفي إطار الصفقة التي اكتملت في نهاية مايو 2008 وافق مجلس الاحتياط على ضمان ما يصل إلى 29 مليار دولار من أصول بيرسيترن .
العاصفة التي نجمت عن الأزمة المالية الراهنة لم تتوقف حتى الآن عن اقتلاع المؤسسات المالية والشركات الصناعية من جذورها ، فقد أدت حتى الآن إلى إختفاء أكثر من 15 مؤسسة من الساحة من بينها مصرف أندي ماك الذي يستحوذ على أصول بقيمة 32 مليار دولار وودائع تصل إلى 19 مليار دولار ، ومن المتوقع أن يتم إغلاق ما يقارب 110 من المصارف والبالغ مجموع أصولها 850 مليار دولار وذلك مع منتصف العام الحالي 2009 ، كما يقدر عدد المؤسسات المالية الواقعة تحت مظلة التأمين الفيدرالي ب 1800 مؤسسة تستحوذ على ما يقارب من 13 تريليون دولار من الأصول والممتلكات ، كما أن إجمالي الدين الحكومي الداخلي والخارجي في USA يقدر بحوالي 11 تريليون دولار لتأتي الصين في مقدمة الدول المدينة للولايات المتحدة حيث قدمت ما يقارب 585 مليار دولار ثم تليها اليابان 573 مليار دولار لتأتي ابريطانيا في المرحة الثالثة والسعودية في المرحلة الرابعة(1) ، ولذا فإن حصر الآثار الناجمة عن الأزمة في هذا الوقت يعني الظهور بالمتعجل رغم تجددها شهريا لا بل يوميا إن لم تكن لحظة بالنسبة للأسهم والمؤشرات .

المطلب الثاني : دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود
يعرف الركود الاقتصادي بأنه انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما أو نموا سلبيا في الاقتصاد الحقيقي لمدة فصلين متعاقبين أو أكثر من سنة ، وتعتبر معظم حالات الركود الاقتصادي في العالم قصيرة .
يمكن مشاهدة أثار الركود في الانخفاض الكبير للنشاط الاقتصادي لعدة أشهر ، مما يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة ثم زيادة في البطالة وكذلك انخفاض في الناتج الصناعي وتجارة التجزئة ، ويصاحب الركود انخفاض في النشاط الاقتصادي العام وانخفاض حجم الاستثمارات وأرباح الشركات كما يصاحبه أيضا تراجع كبير للأسعار أي انخفاض أو ارتفاع في معدل التضخم ويطلق على الركود الذي يدوم لفترة طويلة بالكساد الاقتصادي والذي يوصف إذا كان خطيرا بالانهيار الاقتصادي ، وكل هذا هو حال دول العالم اليوم ولنتناول ذلك من خلال الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : الركود واقتصاد الولايات المتحدة الفقرة 2 : الركود واقتصاد منطقة اليورو

الفقرة 1: الركود و اقتصاد الولايات المتحدة :
في الولايات المتحدة نجد أن العجز التجاري منذ 1971 لم يسجل أي فائض بل عجز يزداد سنة بعد أخرى حتى وصل سنة 2006 إلى 758 مليار دولار نتيجة عدم تلبية الاستهلاك ، ومثل ذلك العجز في ميزانيتها الذي لا يزال في ارتفاع مستمر فقد قدر سنة 2008 ب 454.79 مليار دولار ، وهذا المبلغ يمثل 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي ، بينما قدر عجز السنة الحالية 2009 بأكثر من ذلك بكثير حيث وصل حوالي 700 مليار دولار ، وقد يعود ظهور هذه الأرقام كلها إلى تغلب نظام الطابع العسكري على النفقة العامة وكذلك الطابع السياسي على الضرائب ، ومعنى ذلك أنها لا تستخدم من أجل الحصول على إيرادات لنمو العجز المالي ، وإنما للحصول على أصوات الناخبين ، وفي ما يخص مديونيتها نجدها تزايدت من 4.3 مليار دولار سنة 1990 إلى 8.4 مليار دولار سنة 2003 وهو ما يمثل 64% من الناتج المحلي ، ومما تولد عن هذه الأرقام هو أن USA أصبحت تصنف من أكثر الدول ديونا حيث تقدر ديونها




ب 36 مليار دولار(9.2 ديون فردية – 6.6 ديون عقارية – 18.4 ديون الشركات – 1.8 ديون أخرى) .

الفقرة 2 : الركود واقتصاد منطقة اليورو: لقد دخل اقتصاد منطقة اليورو مرحلة الركود الاقتصادي بعد أن ظهرت بيانات رسمية حدوث انكماش اقتصادي بنسبة 0.2% في الربع الثالث من 2008 ، ومما يؤكد ذلك دخول اقتصاد ألمانيا و إيطاليا مرحلة الركود وذلك لتراجعه ب 0.5% في نمو إجمالي إنتاجهما المحلي وهما من أكبر اقتصاديات المنطقة وهما المحركان له ، كما عانت اسبانيا هي الأخرى من انكماش في الربع الثالث من 2008 وهو الأول لها منذ 1993 وقد يدخل مرحلة الركود خلال الربع الأول من 2009 حسب توقعات المحللين ، ومثل ذلك فرنسا التي ارتفع العجز في ميزانيتها من 3.1% إلى 3.9% في عام 2008 وتتوقع المفوضية الأوروبية بأن يتراجع اقتصادها بنسبة 1.9% خلال عام 2009 وأن لا ينمو سوى بنسبة 0.4% عام 2010(1) .
لذا فمن المتوقع ظهور آثار سلبية أخرى لاحقا بشأن الناتج القومي حتى الربع الثالث من العام الحالي 2009 لأن الأرقام المعلنة عنها حالا لا تمثل سوى قليل من كثير لآثار الأزمة ، وعند التعافي الاقتصاد من الحمى التي تصيبه (ركود-انكماش) يبدأ مرحلة جديدة يعاود فيها الصعود إلى الأعلى فيما يعرف بالنمو الاقتصادي .

المطلب الثاني :الآثار الناجمة عن الإفلاس
تعريف الإفلاس : الإفلاس هو أن تصدر سلطة قضائية حكما يعلن أن جهة ما لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية اتجاه دائنيها مثل ما حدث مع مصرف ليمان ابراذرز ، لكن إذا ما نظرنا إلى الإفلاس الذي نتج عن هذه الأزمة الاقتصادية لرأيناه قد يشمل إن لم يكن دولا بكاملها مثل أيسلندا وباكستان ... ، إلى أن عبارة إفلاس دولة ليست مصطلحا اقتصاديا شائعا يتفق عليه ، لكن بالأساس يعني وجودها عاجزة عن الوفاء بديونها أو الحصول على الأموال من الجهات الخارجية لدفع أثمان ما تستورده من بضائع وسلع مثل باكستان التي هي بحاجة إلى 15 مليار دولار لتجنبها الإفلاس كما يمكن تعريف إفلاس الدولة بأنه الأزمة في ميزان المدفوعات " مقياس مدخولات و إنفاقات الدولة " ، وعند الإفلاس تلجأ الدولة إلى صندوق النقد الدولي أو إلى نظيراتها لإقراض المبالغ الضرورية ، وإذا أخفقت في ذلك لن تتمكن من استيراد السلع والخدمات الضرورية وهو احتمال خطير جدا خصوصا لبلد كأيسلندا التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير، ومع عملية الإقراض دأب صندوق النقد الدولي تاريخيا على استخدام القروض التي يمنحها للدول كأداة للضغط عليها لإجبارها على إتباع سياسة اقتصادية ونقدية معينة لأن القروض التي يمنحها ترتبط بباقة من الشروط على الدول المدينة ، أما فيما يخص إقراض الدول من الدول نجد أن أيسلندا قدمت طلبا لروسيا بتاريخ : 15/10/08 بإقراض 5.5 مليار دولار لمواجهة الأزمة التي تواجهها وتعد أيسلندا من أولى الدول التي تقف على حافة الإفلاس من ضمن أخريات مثل : باكستان – افغانستان ...إلخ ويعد منبع أزمة أيسلندا هو الديون الضخمة التي تكبدتها مصارفها الرئيسية حيث نجد حسب إحصائيات مؤسسة تومسون رويتز تدين البنوك الكبرى الثلاثة ( كاوبتهينج – لاندزبانكي – جليتنير ) ما مجموعه 62 مليار دولار (2)، لكن هل من ظاهرة تتولد عن الإفلاس ؟ .
للإجابة على هذا السؤال نجد أن هناك أكثر من ظاهرة تحدث أو تظهر عند ما تعلن مؤسسة ما إفلاسها ومن هذه الظواهر فقد الثقة بين البنوك من جهة وبينها وبين المستثمرين فيها من جهة ثانية مما يساعد على خروجها من حيز العمل والذي ينجم عنه زيادة في معدل البطالة ولنتناول هذه النقاط في الفقرات الثلاثة التالية :




الفقرة 1 : فقد الثقة بين المؤسسات المالية الفقرة 2: خروج مؤسسات وشركات من الوجود الفقرة 3 : توسع ظاهرة البطــــــــــــــــــــــالة

الفقرة 1: فقد الثقة بين المؤسسات المالية
جاءت هذه الأزمة لتقطع شريان العلاقة الذي كان قائما بين المؤسسات المالية و الشركات الصناعية من جهة ، وبين والمؤسسات المالية والمستثمرين فيها "الذين يملكون أسهما فيها" من جهة ثانية حيث نجد أن المؤسسة التي لا تزال تتمتع بوضع جيد أصبحت غير مستعدة لمنح قرض لمؤسسة أخرى طلبت منها ذلك ، لأن الأولى أصبحت لا تصدق المعطيات المتوفرة عن هذه المؤسسة الثانية (لا يمكن معرفة وضعها المالي ) المحتاجة للقرض ، وهذا مما أدى بالعديد من المؤسسات والشركات إلى الخروج من دائرة العمل لعدم وجود من ينقذها ، مثل ما حدث للمصرف العملاق ليمان ابراذرز الذي عاش قرنا ونصف ، وكذلك سيتي غروب وذلك بعد أن عجز المليار دير السعودي الأمير الوليد بن ضلال الذي كان قد أنقذها في السبعينات من إنقاذها و يمتلك الأمير فيها 5% من قيمة السهم الواحد .

الفقرة 2: خروج مؤسسات وشركات من دائرة الوجود
أ- لقد جاءت الأزمة لتحط رحالها على كبريات الشركات والمؤسسات المالية ، ومن أبرز هذه المؤسسات كما أسلفنا المؤسسة المالية ليمان ابراذرز"رابع أكبر مؤسسة مالية أمريكية " يوم الأحد (15/09/08) حتى أصبح يوصف بالأحد الأسود على الاقتصاد الأمريكي ، ويعد هذا أكبر زلزال يعصف بالاقتصاد الأمريكي حيث شعرت به كافة البورصات الأمريكية والآسيوية ، لأن هذا المصرف طالما ضرب به المثل في الإفلات سالما من الأزمات السابقة "كساد 1929" وقد أعلن عن إفلاسه بعد أن هوت أسهمه بأكثر من 90% وتكبده خسائر قدرها 7 مليار دولار(1) .
ب – الأزمة أرقمت بعض المؤسسات وذلك من خلال تشديد الخناق عليها إلى تعرضها للاندماج في ما بينها " اندماج مؤسسة مع أخرى " وذلك بعد تراجع إنتاجها أو جعلها تغير تخصصها ونجد هذه الحالة انتشرت في الشركات الصناعية مثل شركة صناعة السيارات جنرال موترز وهذا ما ينعكس سلبا على حركة السوق وخاصة سوق السيارات الذي من المتوقع أن يتراجع بشكل كبير في العام الحالي 2009 نتيجة الانخفاض الحاد الذي أصاب الشركات الثلاثة في USA ( جنرال موترز- كرايسلر – فورد ) ، وكذلك الخسائر التي تتكبدها شركة TOYOTA اليابانية وهي أكبر شركة لصناعة السيارات عالميا ، وتقدر هذه الخسائر بحوالي 1.11 مليار دولار ما بين أكتوبر/تشرين الأول2008 – مارس/آذار 2009 ، كما اشتد الخناق أيضا على شركة BMW الألمانية كبرى شركات الصناعات السيارات الفاخرة في العالم والتي بحاجة إلى 132.7 مليار دولار للصمود أمام الإفلاس ، لذا فإن عام 2009 سيكون أشد عام على الإطلاق تشهده الشركات الكبرى لصناعة السيارات في العالم وقد رجح الخبراء بقاء 6 شركات لصناعة السيارات بالعالم في الأجل الطويل بدلا من 50 شركة ، لذا أصبح العديد من الشركات يضطرون إلى الاندماج لمواجهة هذه الأزمة (2) .
منه فإن هذا التقهقر الذي يصيب المؤسسات المالية والشركات الصناعية وخاصة صناعة السيارات التي تمثل النسبة الأكبر من الناتج القومي للدول المصنعة للسيارات " USA تمثل10% من الناتج القومي " ، لذا فإن تعرض إحدى هذه الشركات للخطر سوف ينعكس على كافة الصناعات الأخرى ، وهذا ما نجده قد يتحقق بعد أن درست شركة جنرال موترز خيار الإفلاس ، ولذا نجد أن المبلغ الذي





خصصه الكونغرس لحماية الشركات الثلاثة " جنرال موترز- فورد- كليسر" من خطة بوش والبالغ 250 مليار دولار غير كافية ، وهذا مما يوشك بأن قطاع السيارات سوف يختفي بفعل القوى الجغرافية والظروف الاقتصادية الحالية ، وخروج هذا القطاع من دائرة الوجود والذي يعمل فيه مئات الملايين ومن اليد العاملة سيتولد عنه زيادة حادة في البطالة
الجدول(2) : يبين حجم إنتاج كبرى الشركات العالمية عام 2007 مع بيان جنسية كل منها مرتبة حسب عدد السيارات المنتجة :
الرقم إسم الشركـــــــــــــــة الجنسيــــــــــــــــــــــــــــــة الإنتـــــــــــــــــــاج
1 تويوتـــــــــــــــــــــــا اليابــــــــــــــــــــــــــــــــــان 7800000 سيارة
2 جنرال موتـــــــــــــرز الولايات المتحدة الأمريكية 7400000 سيارة
3 فـــــــــــــــــــــــــورد الولايات المتحدة الأمريكية 5700000 سيارة
4 فولكسفاغـــــــــــــــن ألمانيــــــــــــــــــــــــــــــــا 4800000 سيارة
5 هونــــــــــــــــــــــــدا اليابــــــــــــــــــــــــــــــــان 3100000 سيارة
6 هيونـــــــــــــــــــــداي كوريا الجنوبيــــــــــــــــــة 2800000 سيارة
7 نيســــــــــــــــــــــــان اليابـــــــــــــــــــــــــــــــــان 2800000 سيارة
8 بيجو سترويـــــــــــن فرنســـــــــــــــــــــــــــــــــا 2700000 سيارة
9 كرايسلــــــــــــــــــــر الولايات المتحدة الأمريكية 2700000 سيارة
10 فيـــــــــــــــــــــــــات إيطاليـــــــــــــــــــــــــــــــا 2492000 سيارة
المصــــــــــــــــــــــــدر : www.aljazeera.net تاريخ : 07/12/08
تحليل الجدول : من خلال الجدول نجد أن تويوتا اليابانية تحتل المرتبة الأولى من حيث كمية إنتاج السيارات في عام 2007 لتأتي جنرال موترز و فورد في الأمريكيتين في المرتبتين الثانية والثالثة ثم الشركة الألمانية فولكسفاغن في الرابعة ....

الفقرة 3 : توسع ظاهرة البطالة
عندما ينقص عامل السيولة لدى مؤسسة مالية أو شركة صناعية فإنها تكون في وضع تعجز فيه عن سداد بعض رواتب العاملين مما يؤدي بها في النهاية إلى تسريحهم مع احتفاظها بمن ترى أنه بمقدورها توفير رواتب لهم ، وهذا مما يخفف العبء عليها ، بينما الكمية التي تم تسريحها فهي التي يؤدي إلى توسع في البطالة وهذا ما نجده حدث في أكثر من مؤسسة أو شركة دولية ولذا نجد من خلال التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية توقع بأن يرتفع عدد الذين فقدوا وظائفهم من 198 مليون خلال أشهر ليصل 230 مليون عالميا إذا ما استمرت الأزمة على هذا النهج فمثلا في منطقة اليورو وحدها المكونة من 16 دولة فقد 12.472 مليون حسب مكتب الاتحاد الأوروبي أما في الدول العربية وخاصة الخليجية فقد استغنت الشركات والمؤسسات منذ سبتمبر2008 عن 45000 ومحتمل أن ترتفع إلى 120000 خلال العام الحالي 2009(1) ، لقد جاءت هذه الأزمة المالية لتحط رحالها على المؤسسات المالية و الشركات لتنزع الدراهم أو الدولارات التي كان يتقاضاها العاملون في هذه المؤسسات أو الشركات ، كأنها تقول لهؤلاء العاملين أحزموا أمتعتكم وارحلوا كما وقع لعمال مصرف ليمان ابراذرز صبيحة يوم الأحد الأسود 15/09/08 بعد أن تواجد العمال في الوقت المعترف لديهم إلى أنهم أبلغوا بشكل مفاجئ بعدم التداول ذلك اليوم وعندها كانت أكثر من 9000 شخص عرضة لهذا الحادث الذي أصاب المصرف العملاق ليمان ابراذرز "LAHMAN BROTHERS " الذي أسسه مهاجرون ألمان في القرن 19 .





من خلال إصابة هذه الأزمة للشركات الكبرى وخاصة شركات صناعة السيارات العالمية فإنها أصبحت تهدد أكثر من 50 مليون شخص يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر عبر العالم في هذا القطاع ومنه نجد أن هذه الأزمة التي ما زالت في بدايتها قد ينتج عنها خروج العشرات لا بل مئات الآلاف من دائرة العمل وهذا خبر مشين وإليك قليل من كثير لهذه الأرقام .
أ- سي تي غروب شارع المال والأعمال في USA: التي سرحت 53000 عامل في يونيو/حزيران 2008 أولا ثم 23000 عامل بعد ذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ليكون المجموع 75000 عامل وهو ما يمثل 20% من عدد عمالها ، وقد طالت هذه التسريحات مصارف في نيويورك وأخرى في لندن وقد قابل هذا التسريح انخفاض إنفاقها إلى 50 مليار دولار خلال عام 2009 ، وقد حدث هذا كله عندما تكبدت خسائر في يونيو/حزيران 2008 قدرها 20 مليار دولار ، عندها رأت الشركة أنه ليس بمقدورها تحقيق أي ربح قبل 2010 .
ب- مصرف يوبي أس: أكبر مديري الثروات في العالم من حيث الأصول نجده تخلى عن 4500 موظف بعد أن ألقى قبل ذلك 9000 وظيفة معظمها في الأنشطة المصرفية الاستثمارية كما سرح 5000 في شهر نوفمبر 2008
ج- شركة التطوير العقارية داماك: القابضة الإماراتية فنجدها تخلت عن 200 موظف خلال شهر نوفمبر 2008 .
د- شركة جنرال موترز: التي اشتد الخناق عليها أكثر من زميلاتها مما أودى بها إلى التخلي عن صناعة السيارات لتتحول إلى مؤسسة مالية ، وكذلك تسريح 30000 عامل في الشهر الأخير من العام المنصرم 2008 بعد أن تخلت عن أعداد كبير قبل ذلك(1).
هـ - مصرف ليمان ابراذرز: الذي تخلى عن كافة عماله والبالغين 9000 عامل بعد الإعلان عن إفلاسه في 15/09/08 .
فيما يخص الأرقام المسجلة خلال الفترات الزمنية فإننا نجد أن وزارة العمل الأمريكية كانت تقدر عدد العاطلين عن العمل في شهر أغسطس بحوالي 73000 عامل لكن العدد تخطى ذلك ووصل إلى أكثر من 127000 عامل ، بينما تقديراتها للشهر الموالي له كانت 159000 عامل فارتفع العدد حتى وصل 284000 عامل ، أما فيما يخص شهر اكتوبر/تشرين الأول 2008 وحده فقد أكثر من 240000 موظف وهو الشهر العاشر من تواصل ارتفاع البطالة إلى أن وصلت 1.2 مليون عامل خلال 10 أشهر ، وهذه الأرقام قابلة بأن تتضاعف .
بينما نجد أن هناك أرقام تم تسجيلها للحصول على إعانات البطالة "التقاعد" ، ففي اكتوبر/تشرين الأول 2007 تم تسجيل 32000 عامل وهذا الرقم يقابله 481000 عامل لنفس الشهر من العام الموالي " اكتوبر/تشرين الأول 2008 " كما تم تسجيل 516000 عامل في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2008 وهو أعلى معدل منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 ولذا يكون إجمالي المسجلين على قوائم انتظار إعانات البطالة قد وصل بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2008 إلى 3900000 شخص وهو أعلى معدل منذ 1983 في الولايات المتحدة ، ولذا فإن الانهيارات المتواصلة للمؤسسات والشركات لن ينتج عنها سوى زيادة لهذه الأرقام ، لأنه عند انهيار إحدى شركات صناعة السيارات يفقد 3000000 عامل وظائفهم وهذا ما نجده على الأبواب حيث وصل معدل البطالة في USA التي هي جوهر الاقتصاد العالمي 8.5% وهو الأعلى منذ 16 عاما .
* فقد بلغت نسبة البطالة في منطقة اليورو 8% في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 مرتفعة بنسبة 0.1% خلال دجمبر/كانون الأول 2008 و0.8% خلال نفس الشهر من عام 2007 وتتوقع المفوضية الأوروبية مع مطلع فبراير/شباط 2009 أن تصل هذه النسبة 10.2% في عام 2010 وبهذا تتعدى معدلها 10.5% عام 1998.




* أما في الولايات المتحدة فقد بلغ معدل البطالة في يناير 2009 حوالي 8.4% مرتفعا 0.4% عما سجلته في ديسمبر/كانون الأول 2008 وبنسبة 2.6% خلال عام 2007 .
* أما اليابان فقد بلق معدل البطالة فيها خلال ديسمبر/كانون الأول 2008 نسبة 4.5% مرتفعا بنسبة 0.5% عن نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام .
* أما فرنسا فقد سجلت البطالة فيها معدل يصل إلى حوالي 8.1% مرتفعا بواقع 0.1% عن نوفمبر/تشرين الثاني 2008 وبنسبة 0.4% عن ديسمبر/كانون الأول 2007 .
* وفيما يخص أبريطانيا فقد بلغ معدل البطالة فيها خلال اكتو بر/تشرين الأول 2008 نسبة 6.1% مرتفعا بنسبة 0.2% عن سبتمبر/أيلول2008 وبنسبة 1% عن اكتو بر/تشرين الأول2007(1).
الجدول (3) : يبين تغيرات معدلات البطالة لبعض الدول خلال العامين 2007 – 2008
الدولـــة النسبـــــــة التغير خــلال 2007 التغير خـــلال 2008
اسبانيا 14.4%
فرنســــــا 8.1% في فبراير09 +0.4% في نوفمبر 08 +0.1% في دجمبر2008
منطقة اليــورو 8% في نوفمبر2008 +0.8% في دجمبر2007 +0.1% في دجمبر2008
الولايات المتحدة 7.6% في يناير09 +2.6% في ديسمبر 07 +0.4% في دجمبر2008
الاتحاد الأوروبي 7.4%
أبريطانيا 6.1% في اكتوبر08 +1% في اكتو بر 2007 +0.2% في سبتمبر 2008
اليابــــــان 4.5% في دجمبر08 +0.5% في نوفمبر2008
النمسا 3.9%
هولندا 2.7%
المصدر : www.aljazeera.net التاريخ 15/02/09
تحليل الجدول : من الجدول نجد أن هولندا تمثل أصغر نسبة ثم النمسا فاليابان وأخيرا اسبانيا 14.4% .

المبحث III : الأزمة و البلدان النامية
في هذه الآونة وبالتحديد منذ سبتمبر/أيلول 2008 لا يستطيع أي بلد أو منطقة أن تكون بمنأى عن الصدمات المالية والاقتصادية التي حدثت في جزء من العالم - لوجود علاقة ترابطية تربطه مع غيره برباط متين - بعده انتقلت إلى الاقتصاديات الغنية والفقيرة على السواء ويعتقد الكثيرون أن هذه الأزمة يمكن أن يذكرها التاريخ كأسوأ أزمة اقتصادية منذ الركود الكبير الذي حدث في ثلاثينيات القرن العشرين ، ولنتطرق في هذا المبحث للمطلبين التاليين .
المطلب الأول: أثر الأزمة على الدول النامية المطلب الثاني: الأزمة و المساعدات الخارجية

المطلب الأول:آثار الأزمة على البلدان النامية
كانت البلدان النامية خلال الفترة السابقة محميّة من أسوأ العناصر التي تضر باقتصادها وهاهي الآن أصبحت أكثر البلدان تعرّضاً لهذه المعاناة وذلك نتيجة لعوامل منها :
* تناقص تدفقات رؤوس الأموال إليها .
* السحوبات الضخمة من رأس المال بحيث أدت إلى الخسارة في أسواق أسهم رأس المال.
* الارتفاع الشديد لأسعار الفائدة.
مع استمرار أوضاع الائتمان وانخفاض مستوى تقبل المخاطر، من المرجح أن يتقلص نمو الاستثمارات في بلدان العالم النامية من 13% في عام 2007 إلى 3.5% في عام 2009 ، وهي نسبة




كبيرة للغاية بالنظر إلى أن ثلث نمو إجمالي الناتج المحلي يُعزى إليها وهذا يوحي بدخول البلدان النامية مرحلة ركود ، وتتمثل انعكاسات الأزمة على البلدان النامية من خلال أربعة فقرات هي :
الفقرة 1 : الركود والبلدان الناميــــــــــة الفقرة 2 : الأزمة و النمو في البلدان النامية مستقبلا
الفقرة3:الآفاق المحتملة لاقتصاديات النامية الفقرة 4 : أثر تغير الأسعار على البلدان الناميــة

الفقرة1: الركود و البلدان النامية
يمر الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن بمرحلة انتقالية بعد فترة طويلة من النمو القوي ـ قادته البلدان النامية ـ إلى حالة بالغة من عدم اليقين والغموض جراء الآثار الشديدة التي ألحقتها الأزمة المالية في البلدان المتقدمة بالأسواق العالمية ، ويتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 2.5% في عام 2008 و 0.9% في عام 2009 ، كما من المرجح أن يبلغ معدل النمو في البلدان النامية 4.5% في عام 2009 مقابل 7.9% في عام 2007 ، في حين ستشهد البلدان المرتفعة الدخل تحقيق نمو سلبي(1) .
توقع بعض اقتصاديين بالبنك الدولي تقلص حجم التجارة العالمية بنسبة 2.1% في عام 2009 وهي المرة الأولى منذ عام 1982 ، وستتأثر استثمارات البلدان النامية والبلدان المرتفعة الدخل على حد سواء في عام 2009 ، حيث سينخفض فعلياً بواقع 1.3% في البلدان المتقدمة في حين لن تتجاوز نسبة ارتفاعه في البلدان النامية 3.5% مقابل 13% في عام2007 ، وهذا يعني أن النمو الإجمالي في تراجع كما أنه من المرجح أيضا أن لا يزيد معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في البلدان النامية ــ الذي كان من المتوقع قبل فترة وجيزة أن يبلغ 6.4% في العام 2009 ـــ على 4.5% حسب خبراء اقتصاديين في البنك الدولي ، ومن المتوقع حالياً انكماش اقتصاديات البلدان الغنية التي دخل العديد منها في ركود فعلي بواقع 0.1% في عام 2009(2) .

الفقرة2 :أثر الأزمة على النمو في البلدان النامية مستقبلا
تتوزع البلدان النامية في مناطق شتى من العالم وإليك بعض التوقعات للنمو الإجمالي لبعض هذه المناطق التي توجد بها تلك البلدان النامية.
1)- منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ: تباطأ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى حوالي 8.5% في عام 2008 ويُتوقع أن ينخفض ثانية إلى نسبة 6.7% في عام 2009 ، وقد تأثرت هذه المنطقة من عمليات البيع الواسعة للاستثمارات في أسهم رأس المال ، والتباطؤ الحاد في حجم الصادرات ، ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في الصين من 9.4% في عام 2008 إلى 7.5% في عام 2009 ، إلا أن برنامج التنشيط الاقتصادي (بقيمة 586 مليار دولار أمريكي) الذي أعلنته الحكومة الصينية مؤخراً قد يدفع معدل النمو في الصين تدريجياً إلى نسبة 8.5% في عام 2010.
2)- منطقة شرق أوربا وأسيا الوسطى : من المتوقع أن يتباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 5.3% في عام 2008 ، ليواصل هبوطه إلى 2.7% في عام 2009 ، ويعزى هذا التباطؤ الحاد إلى انخفاض الاستثمارات المرتبطة بصعوبة أوضاع التمويل وضعف الطلب في أسواق التصدير، وسيكون معدل النمو في روسيا على الأرجح في حدود 6% في عام 2008 مقابل 8.1% في عام 2007 في ضوء استمرار الأزمة المصرفية وانخفاض أسعار النفط .
3)- منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي : أصبح نمو إجمالي الناتج المحلي ـ الذي كان يُتوقع أن يكون في حدود 4.4% في عام 2008 ـ عرضة للخطر، مما سيضع ضغوطاً على استثمارات القطاع




الخاص ، ومع انخفاض أسعار السلع الأولية فإن بلداناً مصدرة رئيسية مثل الأرجنتين قد تسجل عجزا في حساباتها الجارية ، كما ستشهد بلدان أخرى مثل البرازيل والمكسيك انخفاضاً في حجم صادراتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تعانيان من حالة ركود ، ومن المتوقع أن تسوء الآفاق الاقتصادية للمنطقة في عام 2009 مع انخفاض إجمالي الناتج المحلي إلى 2.1% مدفوعاً بانخفاض الإنفاق الرأسمالي .
4)- منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : قد شهدت أداءً جيداً في عام 2008 حيث لم يطرأ أي تغير على معدل النمو البالغ 5.8% في عام 2008 ، إلا أن الأرقام الإجمالية تخفي في ثناياها تقلبات كبيرة في أوضاع التجارة والحساب الجاري، ومتطلبات التمويل الخارجي ، ومع تناقص إيرادات الدول المصدرة في عام 2009 من المتوقع أن يكون معدل النمو في المنطقة في حدود 3.9% في عام 2009..
5)- منطقة جنوب آسيــــــــــــــــــــــــــــا : انخفض معدل النمو بصورة طفيفة إلى نسبة 6.3% في عام 2008 مقابل 8.4% في عام 2007 ، ومن المتوقع أن يهبط ليصل إلى 5.4% في عام 2009 ، وقد أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والتضييق الائتماني الشديد وضعف الطلب الأجنبي إلى تفاقم الحسابات الخارجية وتباطؤ نمو الاستثمار ، ويظهر هذا التباطؤ بصورة أكثر وضوحاً في الهند وباكستان حيث انخفض الإنتاج الصناعي بصورة حادة.
6)- منطقة أفريقيا جنوب الصحــــراء: ارتفع حجم النمو ليصل إلى 5.4% في عام 2008 ، ويُتوقع أن ينخفض بصورة طفيفة إلى 4.6% في عام 2009 ، لكن مساهمة صافي الصادرات في نمو إجمالي الناتج المحلي في أفريقيا قد تنخفض ، وتتعرض بلدان كثيرة من المنطقة لصدمات ناشئة عن معدلات التبادل التجاري ، علاوة على ذلك أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود إلى اتساع فجوة الفقر، مما يثير مخاطر وقوع اضطرابات اجتماعية(1).
ملاحظة : نلاحظ أن الآثار تختلف من منطقة لأخرى كما أنها تختلف من دولة لأخرى داخل المنطقة الواحدة .

الفقرة3 : الآفاق المحتملة لاقتصاديات البلدان النامية
بما أن الأزمة ما زالت في بدايتها و ما زال أمامها الكثير لتعصف به وتداعياتها لم تصب سوى اقتصاديات العالم وذلك منذ بدايتها ظهورها في عام 2007 وحتى الآن ، لذا فإن الآثار الناجمة عنها لا يمكن حصرها ، بينما يمكن التكهن ببعضها ومنه فإن الجدول (4) : يبين التوقعات المحتملة للنمو الإجمالي للبلدان النامية لعام 2009 مقارنة بعام 2008 .
إسم المنطقـــــــــــــــــــــــــــــة سنــــــة 2008 سنــــــــة 2009
شرق آسيا والمحيط الهــــــــادي 8.8% 6.7%
أوربا وآسيا الوسطـــــــــــــــــى 6% 3.5%
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 4.5% 2.1%
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 5.7% 3.5%
جنوب آسيــــــــــــــــــــــــــــــا 6.3% 5.4%
إفريقيا جنوب الصحــــــــــــراء 5.4% 4.6%
المصدر : الموقــــــــــــــــــــــــــــع: : www.albankaldwli.org
تحليل الجدول : نلاحظ من الجدول أن هناك هبوط لمعدل النمو بين سنة 2007 و 2009 فمثلا منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي كانت 8.8% سنة 2008 وانخفضت إلى 6.7% سنة 2009وكذلك منطقة





أوربا وأسيا الوسطى التي كان معدل النمو عندها 6% خلال 2008 وتراجع إلى 3.5% سنة 2009 إلى أن نصل إفريقيا جنوب الصحراء التي كانت 5.4% وأصبحت 4.6% .
ملاحظة : يعرف هذا الهبوط هو الأول منذ 1982 وقد تكون الضائقة الائتمانية هي من بين العوامل الرئيسية الدافعة لهذا التراجع وليس الأمر مجرد عدم وجود الطلب على المنتجات ، بل هناك فجوة كبيرة في تمويل التجارة ويبدو أيضا في رأس مال العامل بالنسبة لبعض شركات الشحن وهذا مما أدى بالبنك الدولي إلى التوسع في هذا التمويل والذي قد خصص ما مجموعه 1.5 مليار دولار ويتوقع المزيد من التوسع(1).

الفقرة 4 : أثر تغير الأسعار على البلدان النامية
لم يكن هذا الانخفاض الذي حدث للأسعار حاليا هو الأول من نوعه وبما أن هذا الانخفاض شمل الأسعار الحقيقية للمواد الغذائية والوقود في بلدان الناميةً لكنه مازال مرتفعا مقارنة بمستوياته في تسعينيات القرن العشرين ، ومازالت أصداء الاضطرابات الاجتماعية والأزمات الإنسانية التي نتجت عنها تتردد ، وتجدر الإشارة إلى أن التكلفة التي يتحملها المستهلكون في البلدان النامية نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود بلغت حوالي 680 مليار دولار في شكل إنفاق إضافي في عام 2008 وأدى ذلك إلى إعادة نحو ما بين : 130-155 مليون شخص إلى براثن الفقر، وتوحي التقديرات الحالية بأن هبوط معدلات نمو اقتصاديات البلدان النامية بواقع 1% سيؤدي إلى وقوع 20 مليون شخص آخر في براثن الفقر وذلك بعد أن عادت 100 مليون شخص إلى براثن الفقر نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات(2).

المطلب الثاني : الأزمة و المساعدات الخارجية
لقد تراجعت المساعدات في ظل أفضل الظروف الاقتصادية حيث وصلت 103 مليار دولار قبل الأزمة ، لذا يجب أن لا تكون هذه الأزمة عذرا لخفض المساعدات أكثر مما هي عليه الآن والبالغ 104 مليار دولار ، وذلك رغم صرف مئات المليارات من الدولارات لإنقاذ الشركات الصناعية والمؤسسات المالية للعالم التي تضررت بالأزمة ، والتي من الممكن أن تقلل من المساعدات الإنسانية وهذا مما يعوق الجهود الدولية لمكافحة الأمراض وإطعام الأطفال الجائعين وإيواء اللاجئين التي تدار من منظمات يتم تمويلها من طرف حكومات ومؤسسات خيرية واختفائها يعد أمرا مأساويا ، لذا فإن على الدول الغنية عدم استغلال الأزمة كسبب لعدم مساعدة الفقراء وإذا دفعت أزمة البنوك تقليل المساعدات من مستواها الحالي فستنتج عنه عواقب وخيمة لا تحمد ، لذا فعلى المانحين للمساعدات الخارجية أن لا يجعلوها الضحية الأولى للازمة الاقتصادية ، وهذا ما نجده قد يحدث في الولايات المتحدة التي تترنح تحت ضغط شديد لخفض إنفاقها على المساعدات الدولية بعد أن وافقت على خطة إنقاذ مالي أولى بقيمة 700 مليار دولار وثانية بقيمة 825 مليار دولار ، ومنه فإن انسحابها من الدول المقدمة لهذه المساعدات يمكن أن يدفع مانحين غربيين آخرين إلى خفض مساهماتهم أو إرجاع دفع الأموال التي تم التعهد بتقدمها(3) ، وتتمثل آثار الأزمة على المساعدات الخارجية في الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : أثر الأزمة على المساعدات الإفريقية الفقرة 2 : انعكاس الأزمة على الدول العربية







الفقرة 1 :أثر الأزمة على المساعدات الإفريقية
في هذه الآونة لا يوجد بلد أو دولة غنية أو فقيرة كانت أو التي في طريق النمو بمنأى عن هذه الأزمة ، لأن عامل الوقت لن يستبعدها إلا لحين ، والأمر سوف يكون أكثر ألما لما تعيشه هذه البلدان من تبعية ضاغطة واحتياج اقتصادي ، ولعل وقع الأزمة سوف يكون عليها أشد لتلازم الأزمة المالية والغذائية مع أزمة الطاقة ، ومن هنا فإن هذه الأزمة المالية تهدد بأن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لتقوض ما تحقق من تقدم خلال عقود من الإصلاحات التي وجهت السياسة الاقتصادية نحو ضمان أن تكون أفريقيا وجهة أكثر جاذبية لرؤوس الأموال الخاصة ، وقد تسببت الأزمة في هبوط سريع لقيمة العملات وتراجع كبير للأسعار في أسواق الأسهم مع إقبال المستثمرين الأجانب على بيع حصص كبيرة مما بحوزتهم من الأسهم وغيرها من الأوراق المالية ويتمثل تأثير الأزمة على إفريقيا في ثلاثة نقاط هي :
أولا- تدفقات رؤوس الأموال الخاصة : إن تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال الخاصة سيؤثر سلبيا على الاقتصاديات التي تعتمد على هذه التدفقات في تمويل الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها، ولاسيما استثمارات البنية الأساسية فمثلا قد أجلت غانا وغينيا إصدار سندات بقيمة 800 مليار دولار .
ثانيا- أسعار السلع الأولية : إن تراجع سعر السلع الأولية يضر بالمصدرين لكنه يفيد منه المستوردين .
ثالثا - التحويلات المالية: تشهد إفريقيا تحويلات مالية إليها تبلغ سنويا 15 مليار دولار وتأثر هذه التحويلات قد يصاحبه تأثير المعونات الأجنبية(1) .

الفقرة 2: انعكاسات الأزمة على الدول العربية
بما أن الدول العربية جزء من منظومة الاقتصاد العالمي فإنها سوف تتأثر سلبا بهذه الأزمة التي انعكست سلبا على معظم اقتصاديات دول العالم ، بل في واقع الأمر قد تأثرت بالفعل ومدى تأثر الدول العربية يعتمد على حجم العلاقات الاقتصادية المالية بين الدول العربية والعالم الخارجي وفي هذا الإطار يمكننا تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات من حيث قوة الاقتصاد وهي :
•المجموعة الأولى: هي الدول العربية ذات درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي المرتفعة وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي العربية.
تمثل صادرات هذه المجموعة نسبة كبيرة من الناتج المحلي ، ويعتبر النفط هو المصدر الرئيسي للدخل الوطني ، وقد لوحظ جراء تداعيات الأزمة انخفاض أسعار النفط من حوالي 150 دولارا للبرميل في شهر يوليو/تموز 2008 إلى حوالي 42 دولارا للبرميل في فبراير/2009 ومما لا شك فيه فإن هذا الانخفاض الحاد سيؤثر على وضع الميزانيات العامة وعلى معدلات النمو الاقتصادي ، إذ أن معدلات النمو في النصف الثاني من عام 2008 وعام 2009 ستنخفض مقارنة بمعدلات عام 2007 والنصف الأول من العام 2008 ، من ناحية أخرى نلاحظ أن النشاط المالي لدول الخليج في العالم الخارجي كبير، حيث تم استثمار جزء لا يستهان به من عوائد النفط ، ولذا نجد أن دول الخليج أصبحت تمتلك صناديق ثروات سيادية تستثمر في الخارج خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا ، ومما لا شك فيه أن من بين هذه الصناديق ما يمكن أن تكون لها استثمارات في بعض المؤسسات المالية المتعثرة ، ولذا تشير بعض التقديرات إلى أن خسائر صناديق الثروات السيادية في الدول الناشئة بما فيها دول الخليج تقدر بحوالي 4 مليارات دولار، وتقدر الاستثمارات العربية بالخارج بحوالي 2.4 تريليون دولار، وكما هو معلوم فإن هذه الاستثمارات مملوكة للحكومات والأفراد ولكن معظمها يعود لدول الخليج وسوف تتأثر تلك الاستثمارات بحسب الجهة التي يتم الاستثمار فيها ، وكلما كانت تلك الجهة تتميز بدرجة عالية من المخاطر، فإن درجة التعرض إلى خسائر تكون أكبر، ومما لا شك فإن هناك بعض الخسائر ولكن غير معلن عنها ، أما بالنسبة للبورصات فإن حالة الخوف والفزع هي التي أصابت المستثمرين في العالم كله ابتداء من أميركا ، حيث




انهارت بورصة وول ستريت إلى بورصة إندونيسيا التي أغلقت أبوابها مرورا بأغلب البورصات الموجودة في معظم دول العالم بما فيها البورصات العربية وخصوصا الخليجية والمصرية .
•المجموعة الثانية: وهي الدول العربية ذات درجة الانفتاح المتوسطة أو وفق المتوسطة ومنها مصر والأردن وتونس.
أما بالنسبة لدول المجموعة الثانية فإن تأثرها بالأزمة سيكون أقل من دول المجموعة الأولى باستثناء تأثر البورصات فسيكون في مستوى تأثر بورصات المجموعة الأولى .
•المجموعة الثالثة: وهي الدول العربية ذات درجة الانفتاح المنخفضة ومنها السودان وليبيا .
وأخيرا فبنسبة المجموعة الثالثة وهي ذات درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي المحدودة فسيكون التأثير عليها محدودا أيضا(1).
نتيجة : الآثار الناجمة عن الأزمة ما زالت في الواجهة لذا لا يمكننا حصرها الآن رغم تجددها يوميا ويعد حصرها في هذا الوقت الظهور بالمتعجل سواء بالنسبة لاقتصاديات الدول الغربية ... اقتصاديات الدول العربية .






























الفصل الثالث : التصديات للأزمة

إن الأزمة المالية الحالية تتجاوز منطق المعالجة الظرفية والنسبية ، كما تتجاوز منطق التباطؤ والانتظار والمراهنة على عامل الوقت ، وكذلك منطق الترقيع والترميم ، بشكل أعمق وأشد ، ولم يخطئ بعض الاقتصاديين الذي شبهها بأزمة 1929 أو أشد ، رغم بعض الاختلافات الجوهرية ، لأن الأزمة المالية الحالية مؤهلة لتركيع بلدان كثيرة نامية وتدحرجها نحو المجهول ولعل في شبه إعلان بلد أوروبي ولو كان صغيرا مثل أيسلندا لإمكانية إفلاسه ، تعبير لعمق الأزمة وتشبهها ككرة الثلج المتدحرجة والمتضخمة لحظة بعد لحظة ، وهذا مما دفع كافة دول العالم وخاصة التي تحتل نسبة أكبر 85% من الاقتصاد العالمي " مجموعة الدول العشرين التي تدخل فيها الدول الصناعية السبع الكبرى والدول ذات اقتصاديات صاعدة " بعدة إجراءات من أجل محاربة هذه الأزمة ومن أهم هذه الإجراءات : إصلاح المؤسسات الدولية المالية مثل صندوق النقد والبنك المركزي الدوليين ، ومراقبة حركة التجارة الحرة ، وتحقيق الشفافية في الأسواق المالية الدولية ، وضمان الإفصاح الكامل عن وضعها المالي من خلال شركات تقوم بمراجعة أدائها وضمان عدم دخول المؤسسات المالية والشركات الصناعية في عمليات شديدة المخاطرة وكذلك قيام وزراء المالية لكل دولة وخاصة في الدول الاقتصادية بوضع قائمة بالمؤسسات المالية التي يمكن أن يؤدي انهيارها إلى تعريض النظام الاقتصادي العالمي إلى مخاطر كبيرة ، وكذلك تحسين نظام الرقابة المالي في كل دولة ، وأخيرا التحركات الحيادية التي قامت بها بنوك كل دولة على حدة حسب ظروفها الاقتصادية ، والتي من أهمها تخفيف مواقف السياسة النقدية وخاصة تخفيض أسعار الفائدة على الأموال ، ضيف إلى ذلك إجراءات مراقبة السير وإصلاح الهيكل المالي للحد من المخاوف المتزايدة والمستمرة في معدلات عدم السداد والرفع المالي المفرط وأساليب التوريق المشكوك فيها ، لكن ! كل هذه الإجراءات لا يمكن تحققها أو نجاحها إلى من خلال تعاون دولي مشترك ولنتناول كل هذه النقاط في الفصل الثالث والأخير يحوي المباحث الثلاثة التالية :
المبحث الأول : تحركات البنوك المركزية المبحث الثاني : التعــــــــــــاون الدولي

المبحث I : تحركات البنوك المركزية
قد اتخذت البنوك المركزية الرئيسية تحركات قوية لمعالجة خسائر السيولة عن طريق تسهيل الوصول -على نطاق واسع- إلى التمويل الطويل الأجل باستخدام التسهيلات القائمة ولكن ذلك حتى الآن لم يحقق سوى نجاحا أوليا جزئيا ، ونظرا لأن علاوات السيولة ظلت عند مستويات عالية قام البنك المركزي الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2007 بتوسيع جديد في نطاق عملياته ، كما قام مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي وبنك إنجلترا (المركزي) بتوسيع كبير في نطاق الضمانات الإضافية المقبولة ونطاق المقترضين المسموح لهم بالوصول إلى أموال البنك المركزي ، ومن جهة أخرى أتخذ مجلس الاحتياطي الفدرالي إجراءات جديدة في مارس/آذار 2008 تتضمن فتح نافذة خصم فعلية أمام المضاربين ذوي الجدارة الائتمانية العالية ، كما قام عدد من البنوك المركزية في شتى أنحاء العالم بتخفيف مواقف السياسات النقدية تحت تأثير الزيادة المستمرة في مخاطر النتائج الغير المتوقعة والمحيطة بالآفاق المستقبلية للنمو في هذه الفترة (1) ، ولنتناول في هذا المبحث المطالب الثلاثة التالية :

المطلب الأول : توفير السيولـــــــــــــة المطلب الثاني : إعادة هيكلة النظام المالي العالمي
المطلب الثالث : الخطط المالية الدولية





المطلب الأول : توفير السيولة
يعني توفير السيولة وجودها بشكل كافي داخل السوق المالية ، ويتمثل الحل الوحيد للخروج من الأزمة المالية العالمية في ضخ العديد من السيولات المالية دون أن يشكل استثمار الجزء الأكبر من الأموال السيادية في أصول يصعب تسييلها طالما أن هناك نسبة باقية منها كالسيولة المتاحة لتحريك عجلة الاقتصاد المحلي ، كما يعتبر عنصر السيولة بأنه شريان الحياة لدى المؤسسات المالية والشركات الصناعية من جهة ، وتسريع عجلة حركة السوق من جهة ثانية ، لذا يجب توفير هذا العنصر بأي طريقة كانت لأنه العنصر ضروري لرأسملة البنوك التي تقود القطاع المالي العالمي ، لكن لا ننسى أنه يتأثر هو أيضا بتغيير سعر الفائدة وبتوفره العنصر الأول وزيادة الثاني تضمن الودائع وتكثر لدى البنوك أي أنها تصبح في أمان(1) ، ولنتناول هذه النقاط في الفقرات الثلاثة التالية هي :
الفقرة 1 : رأسملة البنــــــــوك الفقرة 2 : تخفيض سعر الفائدة
الفقرة 3 : ضمان الودائـــــــع

الفقرة 1 : رأسملة البنوك
تتمثل رأسملـــــــــــة البنـــــــــوك في زيادة حجم رؤوس أموالها ويدخـــــــــــــــــــل في ذلك :
أولا : تسعير أصولها بانتظام لتفادي إحداث بلبلة في الأسواق التي تحدث مع تقلب قيمة السندات المكفولة برهون عقارية أو غيرها .
ثانيا : إجبارها على تخصيص أموال لمواجهة تقلبات السوق المستقبلية وإعادة هيكلة جذرية لنظام الرقابة على المصارف وشركات التأمين الأجنبية والمحلية .
لأن هذا كله قد يؤدي إلى إصلاح المؤسسات المالية وخاصة مؤسسات التصنيف الائتماني التي فشلت في توقع حدوث الأزمة بالأسواق المالية بهذه الدرجة الكبيرة ، كما تتم رأسملة البنوك كما أسلفنا بشكل أساسي من خلال توفير السيولة لها ، وقد حصلت بعض البنوك على السيولات النقدية من خلال الأموال التي خصصت لها من خلال الخطط الدولية المالية المبذولة فمثلا :
* الحكومة الأمريكية قد خصصت 550 مليار دولار لرأسملة بنوكها المتضررة من خطة أوباما وحدها إضافة إلى مبلغ سابق من خطة بوش الابن .
* بنك أوف أمريكا الأمريكي الذي حصل على 20 مليار دولار من طرف الخزينة الأمريكيـــــــــــــــة .
* الحكومة الفرنسية قد خصصت هي أيضا 54.5 مليار دولار من خطتها المالية (436 مليار دولار) لرأسملة البنوك المتضررة بالأموال التي تحتاجها .
* الحكومة الألمانية التي خصصت من جهتها هي الأخرى 136.25 مليار دولار من خطتها المالية (540 مليار دولار) لتضخها داخل البنوك المحتاجة للسيولة بشكل ملح(2) .

الفقرة 2 :تخفيض سعر الفائدة
يعد تخفيض الفائدة من أولى المبادرات التي قامت بها البنوك المركزية لتوفير السيولة وفي خطوة غير مسبوقة خفض البنك المركزي الأوروبي في 21/11/08 أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية لمنطقة اليورو ليصل سعر الفائدة إلى 2.5% وعلى الرغم من أن هذا التخفيض يُعد الأكبر منذ تأسيس البنك المركزي الأوربي قبل 10 سنوات ، وذلك بالتزامن مع تزايد موجة خفض أسعار الفائدة في عدد من الاقتصاديات الكبرى لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية ، إلا أن الأسواق الأوربية ونظرا لحالة





الركود التي تعاني منه كانت تأمل في تخفيض أكبر مع تزايد موجة خفض أسعار الفائدة في عدد من البنوك المركزية في مناطق مختلفة من العالم ، وفي ظل تراجع النمو الاقتصادي خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع النقطة ، مع أنه لم يتجرأ لخفض أسعار الفائدة من قبل لأكثر من نصف نقطة مئوية ، ويُشار في هذا السياق إلى دراسة اقتصادية صدرت في نهاية شهر نوفمبر/تشرين2007 كشف عن تراجع الثقة في اقتصاديات دول منطقة اليورو إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاما ، وذلك عقب دخول منطقة اليورو في ركود خلال الربع الثالث من عام 2008(1) .
1- وقد تزامن قرار خفض الفائدة الأوروبية مع قرار مماثل من جانب بنك إنجلترا المركزي لخفض سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية ليصل إلى 2% حيث تعد هذه النسبة أدنى مستوى لأسعار الفائدة في انجلترا منذ 1951 .
2- وجاء قرار خفض سعر الفائدة في بريطانيا بعد نحو أربعة أسابيع من موافقة لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا المركزي على أكبر خفض لسعر الفائدة بمقدار 1.5% مع تنامي خطر الركود الاقتصادي .
3- البنك المركزي السويدي "ريكسبنك" قد خفض أسعار فائدته بمقدار 1.75 نقطة مئوية لتصل إلى 2% ويعزو الريكسبنك السويدي هذه الخطوة إلى التراجع الاقتصادي السريع وغير المتوقع في السويد منذ اكتو بر/تشرين أول2007 .
4- البنك المركزي الدنمركي : الذي خفض سعر الفائدة عنده بمقدار 0.75 نقطة مئوية ليصل سعر الفائدة إلى 4.25% ، وتجدر الإشارة إلى أن السويد والدنمرك ، تنتميان إلى دول الاتحاد الأوروبي لكن لا تنتميان إلى منطقة اليورو .
5- الولايات المتحدة الأمريكية : قد خفض سعر الفائدة خلال عام 2008 بمقدار 3.25 نقطة مئوية ليستقر سعر الفائدة بشكل مؤقت عند 1% بعدها واصل الانخفاض حتى وصلت -1.1% ، وقبل هذا التغير كان سعر الفائدة لدى البنك المركزي الأمريكي في عام 2007 يصل 4.2% ونسبة التضخم 3.2% أي أن السعر الحقيقي للفائدة (السعر الاسمي بعد طرح نسبة التضخم : 4.2% _ 3.2% ) إيجابي قدره 1% ، وفي مطلع عام 2008 وبسبب الأزمة المالية الحالية انخفض سعر الفائدة إلى أقل من 3% وارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 4.1% ليصبح سعر الفائدة الحقيقي سالباً قدره - 1.1%.
6- البنوك المركزية في الصين وأستراليا أسعار الفائدة فيها شبه مستقرة ، في حين لم يستقر البنك المركزي الياباني عند سعر الفائدة عند مستوى 0.3% خلال عام 2007 بل استقرت عند الصفر وكان يُعد واحدا من أقل أسعار الفائدة في العالم قبل أن يصل مرحلة الانعدام(2) .
وتهدف كل هذه الإجراء التي اتخذتها البنوك المركزية إلى تسهيل اللجوء إلى القروض المصرفية للاستثمار وحث الأفراد على زيادة الإنفاق ، لكن مع هذه الإجراءات " نقص سعر الفائدة " يفقد البنك المركزي أحد أهم أدواته لمعالجة هبوط قيم الأسهم عندما يصل سعر الفائدة إلى الصفر كما هو الحال في اليابان .

الفقرة 3 :ضمان الودائع
الذي هو نقطة جذب المؤسسة المالية للمستثمرين ، وهكذا نجد أن المستثمر يبحث عن المؤسسة التي تضمن له تأمين أمواله من كل المشاكل التي قد تتعرض لها ، ومن هنا نجد أن بريطانيا قد وفرت سلطاتها ضمانا كاملة للودائع كي تسترجع ثقة المودعين بها وذلك بعد انهيار واحدة من كبرى المؤسسات المالية العاملة في تقديم القروض العقارية ، ولا تزال علاوات الأجل أعلى بكثير من المعتاد رغم مضي عدة أشهر على اندلاع حالة الاضطراب دون أن تجد منها مخرجا ، و في هذا السياق تضاعفت المخاوف حيث




لم تحقق البنوك سوى نجاح جزئي في الحفاظ على رأس المال في مواجهة الخسائر المتصاعدة ، إذ تم بيع أحد بنوك الاستثمار الرئيسية في الولايات المتحدة على أساس طارئ بدعم من مجلس الاحتياطي الفدرالي .

المطلب الثاني :مراقبة وإصلاح الهيكل المالي
مراقبة وإصلاح الهيكل المالي يعني إصلاح وتنظيم الأسس التي يقوم عليها أو التي يدور عليها هذا النظام المالي سواء كانت من حيث عمليات البيع أو ضمان ودائع أو إنشاء صناديق ولنتطرق لثلاثة فقرات في هذا المطلب :
الفقرة 1 : الحد من البيع على المكشــــــــــــوف الفقرة 2 : الحد من مخاطر الإئتمان
الفقرة 3 : تحسين الرقابة على صناديق الاستثمار

الفقرة 1 :الحد من البيع على المكشوف
بما أن عمليات البيع على المكشوف مخالفة للقوانين أي القوانين التي تحكم السوق المالية و تضر بمبادئ الشفافية والعدالة في التعامل بالأوراق المالية المدرجة في الأسواق المالية المحلية حيث إن العقود التي تبرم بشأنها ليست معلنة لكافة الجمهور ومبنية على أسهم يتم تداولها خارج الأسواق المالية ، وتكون متوافرة لفئة معينة من جمهور المستثمرين وليس لجميع المستثمرين ولذا نجد العديد من الشركات الأجنبية الحرة والمتفرقة في أنحاء العالم تمارس نشاط البيع على المكشوف في أسواق المال المحلية و من دون رقابة وتستغل هذه الشركات عدم خضوعها للتشريعات المحلية المنظمة لأسواق الأسهم المحلية في ممارسة هذا النشاط الذي حذرت منه هيئة الأوراق المالية والسلع ، وتفرض الجهات التنظيمية لأسواق المال في العديد من دول العالم قواعد تنظم العمليات «البيع على المكشوف» المتعلقة بالبورصات ، وقد أوقفت هذه الجهات ممارسة عملية البيع علة المكشوف بعدما ظهرت مخاوف مثل الارتفاع الحاد لمعدل الأوراق المالية المضمونة ببطاقات الائتمان وقروض السيارات وقروض الطلب و الرهون العقارية التجارية المضمونة ، والتزايد المستمر في معدلات عدم السداد والرفع المالي المفرط وأساليب التوريق المشكوك فيها ، وهذا كله يؤدي إلى مخاوف من أن تهوي مثل تلك الممارسات بأسهم المؤسسات المالية الكبيرة ، كما تدفع أسواق الأسهم نحو مزيد من الهبوط وفي الولايات المتحدة الأميركية اتهمت عمليات البيع على المكشوف بالإسهام في انهيار بنك ليمان براذرز والتهديد بانهيار بنكي مورغان ستانلي وغولدمان ساكس(1) .
من خلال هذه النقاط كلها نجد أنه من اللازم منع إجراء عمليات بيع على المكشوف بجميع أشكالها سواء كانت لحساب شركات وساطة أو لحساب مستثمرين محليين أو أجانب ممن يمتلكون محافظ مالية ، والامتناع عن القيام بكل ما من شأنه إلحاق الضرر بسمعة السوق أو أعضائه أو المتعاملين فيه كما أن عمليات البيع على المكشوف يمارسها البعض في السوق على الرغم من أن أنظمة السوق لا تسمح بها حيث لابد من وجود الأسهم في حوزة البائع قبل أن يقوم ببيعها ، لذا من الضروري الحد من هذه الظاهرة التي أنهكت حركة الاقتصاد العالمي برمته ، وقد يتم ذلك من خلال تشكيل جهات أو هيئات لرقابة خطورة هذه العملية "عملية البيع على المكشوف " كما يجب إصدار تحذيرات من ممارسة هذا النوع من العمليات المخالف للقانون المالي(2) .






الفقرة 2 :الحد من مخاطر الائتمان
قد استمر اتساع فروق العائد على الائتمان في الأشهر الأخيرة وذلك وسط تزايد الهجوم المحيط بالآفاق المستقبلية للمؤسسات المالية ، وكذلك تصاعد المخاوف بشأن مدى سلامة المنتجات المالية ومدى سلامة أوضاع أدوات الاستثمار بوجه عام ، ويرجع استمرار مشكلات السيولة في جانب كبير منه إلى المخاوف المتزايدة من مخاطر الائتمان ، لذا فإن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما يصب كامل اهتمامه نحو إصلاح مشكلة الائتمان الذي يرى بأنها هي السبب في كل هذه الارتدادات التي أصابت اقتصاد بلاده(1) .

الفقرة3 : تحسين الرقابة على الصناديق الاستثمارية
هناك حاجة ماسة إلى تنظيم عمل الصناديق الاستثمارية الأجنبية في الدولة ، حيث إن الهدف من استقطاب المستثمر الأجنبي هو المشاركة في التنمية والتطوير وهذا لا يتم خلال فترة زمنية بسيطة وبالتالي فإن دخول محافظ استثمارية في الدولة تحت شعار مستثمر طويل الأجل ، ومن ثم الخروج المبكر مع إحداث زوبعة في الأسواق المالية لا يخدم الهدف المنشود ، لذا فإن هذه الصناديق الاستثمارية يجب أن تخضع للشروط التالية :
1- تسجيل هذه الصناديق لدى الجهات الرقابية قبل العمل في الدولـــــــــــــــــــــــــــــة .
2- الإفصاح الصريح عما إذا كان هذا الصندوق سياديا أو استثماريــــــــــــــــــــــــــــا .
3- الإفصاح عن طبيعة عمل الصندوق (هل هو تحوط أو استثماري أو مضاربة...إلخ) .
4- الإفصاح عن السياسة والفترة الزمنية الاستثمـــــــــــارية مسبقـــــــــــــــــــــــــــــا .
5- الإفصاح الشهري عن محفظة الصندوق لدى الجهــات الرقابيـــــــــــــــــــــــــــــــة .
6- الإفصاح عن أية عوامل خارجية تؤثر على قرارات الصندوق (كإفلاس الشركة الأم أو تدهور الوضع المالي للشركة الأم وغيرها)(2) .

المطلب الثالث : الخطط المالية الدوليــــــــــــــــــة
لقد قامت دول العالم بتخصيص مبالغ مالية كخطط إنقاذ لمؤسساتها المالية وشركاتها الاستثمارية ، وتختلف هذه الخطط من حيث توظيفها من دولة لأخرى ، كما أنها لن تخلوا من أن تكون داء أو دواء لاقتصاديات هذه الدول ، وذلك لأن بعض المبالغ التي خصصتها بعض الدول كخطة لم تكن مبالغ احتياطية لديها وهذا مما ينعكس سلبا على ميزانياتها ونموها السنوي ، عكس ذلك إن كانت هذه المبالغ بمثابة احتياطات ، ولنتناول شرح بعض الخطط الدولية لا حقا في فقرات اللاحقة والجدول التالي يبين أهم الخطط الدولية حتى الآن .













الجدول (5) : الخطط الدوليـــــــــــة : المبالغ بمليارات الدولارات
N0 الدولــــــــــــــــة المبلــــــــــــــــــــــغ N0 الدولـــــــــــة
المبلــــــــــــــــــــغ
1 الولايات المتحدة 1525 (700 +825) 11 سنغافـــورة 101.4 مليار دولار
2 أبريطانيا 691 مليـــار دولار 12 النرويــــج 050 مليــــار دولار
3 ألمانيا 680 مليـــــار دولار 13 اليابان 050 مليـــار دولار
4 فرنسا 672.17 مليـار دولار 14 اليونـــــان 038 مليــــار دولار
5 ايرلندا 544 مليـار دولار 15 الإمارات 032 مليــــار دولار
6 السويـــــد 205 مليـــار دولار 16 البرتغـــــال 027 مليـــار دولار
7 روسيـــــا 200 مليـــــار دولار 17 الكـــــويت 020 مليــــار دولار
8 كوريا الجنوبيـة 130 مليــــار دولار 18 هولنـــــدا 13.4 مليــــار دولار
9 اسبانيـــــا 127 مليــــار دولار 19 المغــــرب 07 مليـــــــار دولار
10 إيطاليـــــا 103.2 مليار دولار
المصــــــــــدر : www.aljazeera.net -www.google.com-...

تحليل الجدول : تحتل الولايات المتحدة المكانة الأولى من حيث المبالغ المقدمة كخطط مالية وذلك لكونها قدمت خطتين متتاليتين لتليها أبريطانيا ثم ألمانيا وأخيرا الدولة العربية المغرب 7 مليار دولار.

الفقرة 1 : شرح الخطتين الأمريكيتين
أ- خطة بوش : البالغة 700 مليار دولار والتي صدرت في : 02-10-2008 وتهدف الخطة إلى تأمين حماية أفضل للمدخرات والأملاك العقارية ، التي تعود إلى دافعي الضرائب ، وحماية الملكية وتشجيع النمو الاقتصادي وزيادة عائدات الاستثمارات إلى أقصى حد ممكن ، ومبدأ هذه الخطة هي أنها تقوم على شراء الديون الهالكة التي تقص بها السوق المالية الأميركية وتهدد بانهيارها ، والتي تعود في معظمها إلى السياسة الخاطئة للرهنات العقارية التي اعتمدها المضاربون الماليون في وول ستريت ، و مهلة هذه الخطة تنتهي في 31/12/2009 مع احتمال تمديدها بطلب من الحكومة لفترة أقصاها سنتين اعتبارا من تاريخ إقرار الخطة(1).
تفاصيل الخطة
1-السماح للحكومة الأميركية بشراء أصول هالكة بقيمة 700مليار دولار مرتبطة بالرهن العقاري.
2- يتم تطبيق الخطة على مراحل بإعطاء الخزينة إمكانية شراء أصول هالكة بقيمة تصل إلى 250 مليار دولار في مرحلة أولى ، مع احتمال رفع هذا المبلغ إلى 350 مليار دولار بطلب من الرئيس بوش ويملك أعضاء الكونغرس حق النقد (الفيتو) على عمليات الشراء التي تتعدى هذا المبلغ مع تحديد سقفه بحوالي 700 مليار دولار .
3- تساهم الدولة في رؤوس أموال وأرباح الشركات المستفيدة من هذه الخطة ، مما يسمح بتحقيق أرباح إذا تحسنت ظروف الأسواق .
4- يكلف وزير الخزانة بالتنسيق مع السلطات والمصارف المركزية لدول أخرى ، لوضع خطط مماثلة.
5- رفع سقف الضمانات للمودعين من 100 ألف دولار إلى 250 ألف دولار لمدة عام واحد .
6- منح إعفاءات ضريبية تبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار للطبقة الوسطى والشركات(1).
7- تحديد التعويضات لرؤساء الشركات عند الاستغناء عنهم .





8- منع دفع تعويضات تشجع على مجازفات لا فائدة منها ، وتم تحديد المكافآت المالية لمسؤولي الشركات الذين يستفيدون من التخفيضات الضريبية 500 ألف دولار.
9- استعادة العلاوات التي تم تقديمها على أرباح متوقعة لم تتحقق بعد .
10- يحافظ مكتب المحاسبة العامة التابع للكونغرس على حضور في الخزانة لمراقبة عمليات شراء الأصول والتدقيق في الحسابات.
11- اتخاذ إجراءات ضد عمليات وضع اليد على الممتلكات.
2)- خطة أوباما :تهدف خطة الحوافز الاقتصادية لإدارة أوباما إلى توفير ما بين 3- 4 مليون فرصة عمل خلال 18 شهرًا ، وتحقيق الاستقرار المالي والحد من تأثيرات أزمة الرهن العقاري وإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من شبح الركود الذي غرق فيه ، وفي سبيل ذلك تركز الخطة الاقتصادية على توفير محفزات كبيرة لتنشيط الاقتصاد الأمريكي من ناحيتين :
الناحية الأولى: السياسة التوسعية من خلال زيادة الإنفاق العام وخاصة في بنود البنية التحتية والرعاية الصحية والإشراف المالي وإنقاذ المؤسسات المالية والبنوك وتكلف هذه البنود 550 مليار دولار.
الناحية الثانية: تحقيق توفيرٍ كبيرٍ في مستوى الدخول للمواطنين عن طريق تقديم تخفيضات كبيرة في معدلات الضرائب وخاصة الضرائب على الدخل مما يوفر ما يتجاوز 275 مليار دولار مما يؤدي إلى رفع مستوى الإنفاق وتنشيط الاقتصاد(1) .
تتمثل أهم البنود التي حددها أوباما في خطته الاقتصادية كأوجه للإنفاق العام وكمحفزات للاقتصاد الأمريكي فيما يلي :
البند الأول: زيادة الإنفاق الحكومي في البنية التحتية لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وخلق فرص عمل جديدة تتراوح بين 3 - 4 مليون فرصة عمل عن طريق ما يلي :
1- بناء الطرق والجسور والسكك الحديدية وتحسين شبكة الكهرباء وغيرها من بنود البنية التحتية وتكاليفها في حدود 90 مليار دولار.
2- تحديث 75% من المباني الفيدرالية وغيرها من الهياكل الأساسية العامة بتكلفة في حدود 31 مليار دولار.
3- تحسين وتحديث التعليم بتكلفة إجمالية 141 مليار دولار بما في ذلك مبلغ 41 مليارًا دولار لتطوير المدارس في المقاطعات و79 مليار دولار كنفقات للولايات لمنع تقليص الخدمات التعليمية و15.6 مليار دولار لتوسيع البرنامج الفيدرالي بيل غرانت Pell Grant program الذي يمنح على أساس الاحتياجات والمنح لتمويل التعليم وتخصيص مبلغ 6 ملايين دولار لتحديث برامج التعليم العالي.
4- مضاعفة إنتاج الطاقة البديلة على مدى 3 سنوات بتكلفة إجمالية 54 مليار دولار وتصل إلى 150 مليار دولار خلال 10 سنوات وتشمل ذلك تحسين استخدام الطاقة داخل 2.5 مليون منزل بتكلفة 16 مليار دولار.
5- مساعدة العمال وإعادة تأهيلهم وتدريبهم بالإضافة إلى رفع إعانات البطالة وإجمالي تكاليفها 102 مليار دولار.
6- زيادة الاستثمارات في العلوم الحديثة والأبحاث والتكنولوجيا وتحسين الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة في المناطق الريفية بتكلفة إجمالية 16 مليار دولار(2).
البند الثاني: تحقيق الاستقرار في النظام المالي والرهن العقاري فتعتزم إدارة أوباما التحرك السريع لتشديد الرقابة المالية في البلاد وعمل تغييرات واسعة النطاق في النظام المالي الأمريكي ووضع قواعد أكثر صرامة لصناديق التحوط ووكالات التصنيف الائتماني وسماسرة الرهن العقاري وزيادة الرقابة على




الأدوات المالية المعقدة التي كانت سببًا من أسباب الأزمة الاقتصادية عن طريق ما يلي:
1- إنشاء لجنة لمراقبة عمليات البورصة والإشراف على صناديق التحوط ومراقبة عمليات التسجيل مع وضع خطة تنظيمية شاملة لتوحيد آليات عمل الوكالات المصرفية والمالية مما سيحقق تحسنًا كبيرًا في عنصري الشفافية والإشراف على النظام المالي .
2- إنشاء صندوق لمساعدة متضررين الرهن العقاري لمساعدتهم على إعادة جدولة ديونهم وتوفير الدعم الشامل لأصحاب المنازل ، هذا إلى جانب ضرورة وضع نظام يتيح التأكد من تقديم المعلومات الكاملة عن خيارات التمويل العقاري أمام مشتري المساكن.
كما أكد أوباما على ضرورة التدقيق ومراجعة الشركات المتعثرة التي حصلت على دعم مالي في العام الماضي 2008 خلال فترة تولي جورج بوش للرئاسة وتحديد أي من الشركات التي تستحق الدعم خلال الفترة المقبلة ، وذلك بعد أن أعرب عن غضبه الشديد من التقارير التي أشارت إلى صرف كثيرٍ من الشركات المتعثرة في وول ستريت Wall Street إلى موظفيها مكافآت تتجاوز 10 مليارات دولار بالرغم من الخسائر التي حققتها والتخلي عن عدد كبير من الوظائف ولهذا ركز أوباما في خطته على صرف المبلغ المتبقي من خطة بوش والبالغ 350 مليار دولار على إعادة النظر في برامج إنقاذ الشركات والبنوك والتركيز على الحد من آثار الرهن العقاري وإنقاذ أكثر من 2 مليون من متعثرين الرهون العقارية وأغلبهم من الطبقات الوسطى .
البند الثالث: تخفيضات كبيرة لمستوى الضرائب على 95% من المواطنين الأمريكيين ، كما شملت الخطة الاقتصادية تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات والعمال من الطبقات الوسطى والفقيرة يصل إجمالي توفيرها إلى 275 مليار دولار، حيث يصل متوسط التخفيض للفرد إلى 500 دولار سنويًّا وإلى 1000 دولار للأسرة إلى جانب القضاء على ضرائب الدخل لكبار السن الذين تقل دخولهم عن 50 ألف دولار سنويًّا مما يحقق لهم تخفيضات تصل إلى 1400 دولار سنويًّا ورفع متوسط الدخل الخاضع للضريبة إلى 250 ألف دولار سنويًا هذا إلى جانب تبسيط وتحديث إجراءات التسجيل والدفع لدافعي الضرائب ، وتشمل الإعفاءات الضريبية أيضًا الشركات التي تخلق فرصًا جديدة للعمل وكذلك الشركات الأمريكية التي تعتمد بصفة أساسية على العمالة الأمريكية أكثر من الاعتماد على العامل الأجنبي وكذلك تخفيضات كبيرة للمشروعات الصغيرة والناشئة لتشجيعها على الاستمرار وتوفير فرص عمل جديدة(1) .
فيما يخص التدابير الضريبية تكون إيجابية إذا شملت الطبقة الوسطى والفقيرة لأن المال عندما يوضع في أيدي عائلات هاتين الطبقتين فإنهما تنفقان الجزء الأكبر منه ـ كما أظهر لنا التاريخ والتجربة ـ مما يساعد في تحفيز الاقتصاد أما إذا وضعتها في أيدي الطبقة العليا فإنهم لا ينفقون منها إلا قليلا وبالتالي تأثير أقل في سبيل الإنعاش الاقتصادي .
البند الرابع: تعهد الرئيس أوباما خلال خطته الاقتصادية على نشر مظلة التأمين الصحي لتشمل المجتمع الأمريكي كله وتخفيض التكاليف المرتفعة للرعاية الصحية حيث يوجد أكثر من 45 مليون أمريكي من بينهم 8 ملايين طفل لا تشملهم مظلة التأمين الصحي بسبب ارتفاع أسعاره وتكاليفه التي ارتفعت بمعدل 3.7 مرة أسرع من معدلات ارتفاع الأجور خلال الثماني سنوات الماضية ، كما تعهد أيضًا بتشجيع أصحاب العمل وشركات التأمين على تخفيض تكلفة التأمين الصحي بمقدار يتعدى 2500 دولار للفرد سنويًّا ، وقد خصص في خطته مبلغًا يتجاوز 111 مليار دولار بما في ذلك مبلغ 87 مليارًا للتأمين الصحي و20 مليار دولار لتحسين الصحة وتكنولوجيا المعلومات وحوالي 4 مليارات دولار لتحسين الرعاية الوقائية .
هناك عدد متنام من الدراسات تشير إلى فرص كبيرة لتحسين النوعية وتخفيض تكاليف العناية الطبية وكذلك نظم كثيرة للرعاية الصحية في أنحاء كثيرة من البلاد تقدم رعاية ذات جودة عالية إلى





السكان الذين تخدمهم ، مقابل نصف تكاليف نظم أخرى ذات شهرة أكاديمية في أنحاء أخرى من البلاد ، أما فيما يخص قطاع السيارات فقد قال أوباما إن نجاة قطاع صناعة السيارات في البلاد تكتسي أهمية قصوى لكن أية خطوة يجب أن تحترم شروطا محددة ، وانتقد أوباما شركات السيارات الثلاث الكبرى (جنرال موتورز، وكرايسلر، وفورد) بتكرار أخطاء إستراتيجية والفشل في التكيف مع الظروف الجديدة لكن أوباما أقر أن قطاع صناعة السيارات يمثل العمود الفقري للصناعة في البلاد وبأنه من أكبر المشغلين وبأن ملايين الأشخاص يعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر على ذلك القطاع مستبعدا بالتالي خيار التخلي عن القطاع وتركه نهار(1).

الفقرة 2 : انتقادات خطة أوباما
لاقت الخطة الاقتصادية لإدارة الرئيس أوباما بعض الانتقادات سواء على المستوى الحزبي حيث وجه الحزب الجمهوري كثيرًا من الانتقادات للخطة أو حتى من جانب أقلية من الحزب الديمقراطي وكذلك لاقت الخطة بعض الانتقادات من جانب عديدٍ من المحللين من عدة نقاط أهمها:
أولاً: يرى بعض المحللين أن المبلغ الإجمالي المخصص لبنود محددة في الخطة قد لا يكفي في حال ظهور بنود جديدة للإنفاق غير مدرجة في الخطة الاقتصادية ، وهذه البنود التي قد تستحدث مثل زيادة ميزانية مساعدة الشركات المتعثرة أو تعويضات قدامى الحروب أو التوسع في الرعاية الصحية أو قيام الاحتياطي الاتحادي بشراء السندات المدعومة بالرهن العقاري أو تمديد التأمين ضد البطالة وغيرها من البنود.
ثانيًا: يرى كثير من الاقتصاديين أن هناك خطرًا يتمثل في أن حزمة من الحوافز لن تعمل، أو لن تفعل ما يكفي، وأن الأزمة الاقتصادية يمكن أن تستمر على الرغم من النفقات الحكومية الضخمة كما أن هناك عديدًا من البنود الطارئة وفقًا لخطة الحوافز التي قد تسبب مشكلات ، حتى لو كانت تحقق عديدًا من أهدافها فارتفاع مستوى الإنفاق الحكومي قد يؤدي إلى خلق ضغوط تضخمية سريعة إذا لم يوضعْ كل دولار في مكانه الصحيح بالنسبة للناتج القومي الإجمالي.
ثالثًا:حجم الميزانية الأمريكية ، والعجز في الحساب الجاري لا يزال الشاغل الرئيس فتوقعات مكتب الموازنة بالكونجرس في مطلع يناير الماضي (2009) أن العجز في ميزانية الولايات المتحدة قد يصل إلى 1,2 تريليون دولار في السنة المالية 2009 ، الذي سيمثل أعلى عجز للموازنة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد منذ الحرب العالمية الثانية ، لذلك يجب الوضع في الاعتبار أن بعض النفقات المالية المطلوبة في هذا القانون يجب أن تكون مؤقتةً.
رابعًا: بعض المحللين يشعرون بالقلق ، لأن العجز التجاري في الولايات المتحدة آخذ في التوسع بسرعة كبيرة ، مما سيجبر واشنطن على الاقتراض دوليًّا ، وربما يزيد من خطر تعثر الديون الدولية للولايات المتحدة والتي تواجه أزمة مالية حقيقية(2).

الفقرة 3 : شرح خطط بعض الدول الأخرى
1- فرنسا : تعهّد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بضخّ مبلغ 672.17 مليار دولار(492 مليار يورو) كخطة إنقاذ لاقتصاد بلده من الأزمة التي يمر بها وقد خصص من هذا المبلغ 437.18 مليار دولار(320 مليار يورو) لضمان القروض بين البنوك التي كادت إن لم تكن تنعدم الثقة بينها وكذلك تمويل بعض الشركات الصناعية مثل صناعة السيارات وذلك لمحاولة تعزيز السيولة هذا من جهة ، بينما خصصت من




جهة أخرى 54.648 مليار دولار(40 مليار يورو) ليتمّ استثمارها في البنوك الفرنسية وليكن المستفيد الأول هم دافعوا الضرائب ، وفي هذا الصدد قال نيكول ساركوزي في مستهل هذه الخطة أن الحل لهذه الأزمة هو الاستثمار لأنه الطريق الأمثل لدعم النمو وإنقاذ مناصب العمل وكذلك لخلق فرص عمل في المستقبل .
2- ألمانيا : وفي ألمانيا كانت القصة مشابهة حيث تعهّدت المستشارة أنغيلا ميركل بضخّ مبلغ 683.1 مليار دولار(500 مليار يورو) لدعم وإنقاذ نظام اقتصادها المتدهور من خلال خطتها المالية هذه وقد كان المستفيد الأول من هذه الخطة هم الشركات الصناعية وكذلك دافعوا الضرائب.
3- أبريطانيا : وقبل هذا قد كشفت الحكومة البريطانية عن خطة إنقاذ ضخمة تصل 691 مليار دولار(505.7 مليار يورو) لتستفيد منها المصارف الرئيسية المتعثرة من الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد العالمي وستزود وزارة الخزانة البريطانية مبلغ 63 مليار دولار(46.1 مليار يورو) لبنكي "رويال بنك أوف اسكتلندا لويدز - هاليفاكس بنك أوف اسكتلندا" وأضافت الوزارة أن الهدف من تعزيز رأسمال هذه المصارف هو دعم استقرار الأسواق المالية وحماية المدخرين والمؤسسات والمقرضين وحماية دافعي الضرائب كما تتضمن الخطة أيضا زيادة الإنفاق العام وتخفيض الضريبة(1) .
من جهة أخرى قال رئيس الوزراء غوردون براون إن الخطة ليست جيدة فقط للاقتصاديين والخبراء الماليين وإنما ذات شأن مهم لكل أسرة وصاحب مصلحة في بريطانيا.
4- إيطاليا : أعلنت الحكومة الإيطالية حزمة مالية بقيمة 103.2 مليارات دولار(75.53 مليار يورو) لمساعدة البنوك والأسر والشركات التي تعاني من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وتتضمن هذه الإجراءات المالية مبلغ 3.27 مليار دولار (2.4 مليار يورو) كدفعات نقدية للأسر المحتاجة ، ويتوقع أن يستفيد منها 8000000 شخص هذا من جهة ، ومن جهة ثانية خصصت مبالغ أخرى للبنية التحتية مثل تطويرات هيكلية المدارس وذلك إثر مقتل طالب جراء انهيار سقف إحدى الفصول في المدرسة هذا إضافة إلى تمويل بمبلغ 1.311 مليار دولار(960 مليون يورو) لسكك الحديد المحلية ، وتتضمن الإجراءات أيضا أن تكون نسبة 4% من الخطة المالية سقفا لمعدلات الرهن العقاري المتغيرة ، كما تتضمن الخطة كذلك محاولة لخفض الدين العام البالغ حاليا ما نسبته 150% من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح 100% من هذا الناتج بحلول عام 2011(2).
5- المغرب : خصصت كافة خطتها للقطاع الصناعي الذي تراه متدهور .

المبحث II : التعاون الدولي
يجب على المجتمع الدولي إجراء مشاورات تقوم على المساواة وتكثيف التعاون لمعالجة الأزمة المالية الدولية وحماية الاستقرار الاقتصادي والمالي فى العالم ، لذا دعت قمة مجموعة العشرين حول الأسواق المالية والاقتصاد العالمي التي عقدت في واشنطن بتاريخ : 16/11/09 والتي أظهرت العزم على مواجهة الاضطرابات الاقتصادية العالمية الحالية ، وتضم مجموعة العشرين التي تأسست في 25/09/99 كل من : الأرجنتين واستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومؤسستي بريتون وودز " صندوق النقد والبنك الدوليين " ، وبما أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المالية الحالية هو فشل الرقابة والتنظيم اللذان كانت تقوم بهما الحكومات بشكل منفرد في مواكبة تحديث وعولمة المنتجات المالية فأصبح من الضروري اتخاذ خطة مشتركة لدمج الجهود






السياسية للدول المختلفة من أجل تجنب حدوث الأزمة المالية مرة أخرى تحديا لا يمكن تجنبه(1) ، ولنتناول في هذا المبحث ثلاثة مطالب هي :
المطلب الأول : إنشاء صناديق استثماريــــــــــــة المطلب الثاني : تحقيق الشفافية في النظام المالي
المطلب الثالث : أهمية مؤسستي بريــتون وودز المطلب الرابع : هل مفتاح حل الأزمة بيد الصين؟

المطلب الأول : إنشاء صناديق استثمارية
تأتي أهمية دخول صناديق استثمارية جديدة إلى السوق للقيام بعمليات شراء واسعة لأسهم الشركات المتعثرة ومن أمثلة هذه الصناديق صندوق الاستثمار الضخم الذي سيتم إنشاؤه بالمشاركة بين الحكومة والمؤسسات الخاصة والذي يصل حجمه تمويله إلى ما بين خمسمائة مليار وتريليون دولار ونجد أن هذا الصندوق قد خيب أمل وول استريت وذلك من خلال الاختلاف على إنشائه وأكد أهمية دور صندوق النقد الدولي في النظام المالي العالمي, وفيما يخص إنشاء هذا الصندوق تعهدت اليابان بتقديم 100 مليار دولار أمريكي إلى الصندوق لمساعدة الدول الناشئة ولدعم إقراض الدول التي ضربتها الأزمة مع العلم أن اليابان هي الوحيدة التي تتعامل بنوكها في الوقت الحالي بسعر فائدة منعدم .

الفقرة 1 :أهمية تمويل الشركات الصناعية والمؤسسات المالية
يعد تمويل الشركات الصناعية والمؤسسات المالية من ضمن الأولويات للتخفيف من انتشار تداعيات الأزمة الراهنة وذلك لما تغطيه من حاجيات السوق المالي والإنتاجي إضافة إلى امتصاص معدلات البطالة التي كما أشرنا سابق أنها تنهك كاهل الاقتصاد العالمي برمته ، لأن ارتفاع معدلها ينجم عنه هجرة للأدمغة إلى بلدان أخرى محدثة ارتفاعا لمعدلها في البلد المستقبل ولذا نجد أن إنقاذ سيتي غروب " شارع المال والأعمال" قد يخفف من المخاطر على النظام المالي برمته ويهدأ المخاوف ويقي من تكرار الصدمة التي خلفها إفلاس مصرف ليمان ابراذرز رابع أكبر مصرف في الولايات المتحدة الأمريكية التي يمثل اقتصادها أكثر من 40% من اقتصاد العالم الإجمالي(2) .

الفقرة 2 : شراء الأسهم المتعثرة
1-بما أن الأسهم كما أسلفنا هي الأداة التي من خلالها يتم قياس وتسير كل القيم المنقولة داخل الأسواق المالية فيجب أن تكون تتمتع بسلامة كاملة وسياسة خالية من التقشف لكي توافي بنتائج حقيقية لا رجعة فيها ، لأن المؤشر هو الذي يعطينا فكرة عامة عن اتجاهات هذه القيم داخل السوق وكذلك فكرة خاصة عن قطاع اقتصاد معين من بين عدة قطاعات ، لذا يؤدي التعامل بالأسهم المتعثرة داخل الأسواق المالية إلى تدهور سير حركتها وتكبدها لمخاطر لا تحمد عقباها ، ومنه يؤدي شراء هذه الأسهم المتعثرة إلى الحد إن لم يكن قضاءا على هذه المخاطر التي تعاني منها المؤسسات المالية الداخلة في السوق ، هذه الأسهم المتعثرة أصبحت تمثل جرثومة المرض الذي تعاني منه جميع المؤسسات المالية وما زالت العدوى به في تصاعد ولذا أصبح من اللازم القضاء عليه بشتى الوسائل ، وهذا مما أدى بالحكومة الأمريكية تخصيص جل خطتها البالغة 700 مليار دولار لشراء هذه الأسهم المتعثرة وإخراجها من سوقها المالي بهدف تأمين الباقي السليم منها وحماية أفضل للمدخرات والأملاك العقارية التي تعود إلى دافعي الضرائب وحماية الملكية وتشجيع النمو الاقتصادي وزيادة عائدات الاستثمارات إلى أقصى حدد ممكن وتتمثل الأصول المتعثرة في قروض الرهن العقاري والسندات والالتزامات والأدوات الأخرى القائمة





على أساس القروض العقارية التي صدرت قبل 17 سبتمبر/أيلول 2008 والتي ستشتريها الحكومة لمساعدة المؤسسات المالية المتضررة (1) .
لكن السؤال الغامض والذي لم يتم الجواب عليه حتى الآن هو كم حجم الأصول المتعثرة؟ وهذا السؤال كان قد حير وزير الخزانة السابق هنري بولسون والذي تخلى عن خطة حكومية لشراء هذه الأصول مباشرة واستبدل بها ضخ أموال في البنوك كما حير أيضا وزير الخزانة الجديد تيموثي غيثنر.
2- تعهدت كل من الصين والولايات المتحدة برصد 20 مليار دولار ( أمريكا 12 مليار- الصين 8 مليار ) لتحسين وضع التجارة العالمية في خطوة إضافية لدعم الاقتصاد العالمي المتأزم ، وسيستفيد من هذه الخطوة بالصفة الأولى المستوردون لا سميا الموجودين في البلدان النامية والذين يعانون من مشاكل إقراض لشراء البضائع ، وكانت الصين قد دعت الولايات المتحدة في وقت سابق إلى المزيد من الادخار محملة مسؤولية الأزمة إلى الإفراط في حركة الاستهلاك في USA ويذكر أن المستوردين حول العالم يعانون الكثير للحصول على قروض تسمح لهم بشراء البضائع للاستمرار بحركتهم التجارية وذلك بعدما شددت المصاريف شروط الإقراض بفعل أزمة الائتمان وانعكس ذلك مباشرة على حركة النمو الاقتصادي بسبب شح السيولة لدى المستهلكين الذي يردعهم عن الاستهلاك(2).
من أهم الأسباب التي تقف وراء الأزمة المالية تتضمن الإفراط في الإنفاق من جهة والإقراض بهدف جني الأرباح من جهة أخرى وأضاف أنه على واشنطن زيادة حركة الادخار وخفض عجز ميزانها التجاري وميزانها المالي وعلم أن الأمريكيين أصروا على الضغط على بكين بالسماح لقيمة العملة الصينية بالارتفاع كونهم يرون بأن اليوان الصيني الضعيف يعطي التجارة والمصدرين الصينيين أفضلية تجارية غير محققة ، وتجدر الإشارة بأن نسبة النمو السنوي للاقتصاد الصيني هي 9% في ما يعاني الاقتصاد الأمريكي من ركود .

المطلب الثاني : تحقيق الشفافية في النظام المالي
تلعب الشفافية دورا هاما في كل التعاملات مهما كان نوعها وخاصة المعاملات الاقتصادية التي تربط الشفافية فيها بين ثقة المستثمر وربحية الشركة ولنتناول في هذا المطلب الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : دور الشفافية في جذب المستثمر الفقرة 2 : كيفية بسط نفوذ الشفافيـــــــــــة

الفقرة 1 : دور الشفافية في جذب المستثمر
يعتبر مفهوم الشفافية الذي تطور خلال السنوات الأخيرة ليرتبط أشد الارتباط بسلامة عمل الأسواق والاقتصاد وتشجيع الاستثمارات والتشغيل واستقطاب الاستثمارات الأجنبية حيث تظهر لنا التجارب العالمية والشواهد العملية أن هناك ارتباطاً واضحاً بين الشفافية من جهة وثقة المستثمرين وربحية الشركات من جهة أخرى ، ونجد أن المستثمرين في جميع أنحاء العالم على استعداد تام لدفع المزيد من الأموال لشراء أسهم الشركات التي تقدم وتعتمد أفضل المستويات الشفافية والنزيهة لذلك يجب الالتزام بالإطار المتعارف عليه دولياً للإفصاح الدوري حتى يتمكن أصحاب المصالح من تقييم استثماراتهم ومدى سلامتها وكذلك في هذا المجال يجب أن يفرض على الشركات الحد الأدنى من الإفصاح لتسيير تقييم السوق لسلامة الأصول ، ذلك أن الإفصاح والشفافية يظلان من العوامل المحورية والمرتكزات الرئيسية في توفير المعلومات الحيادية والدقيقة لمسألة ضرورية وجوهرية وإلزامية بغض النظر عن أي مسائل خلافية حول مستوى التوازنات المقبولة شكلاً أو موضوعاً بين الأطراف صاحبة المصلحة من جهة وإدارات الشركات المعنية من جهة أخرى .





الفقرة 2 : بسط نفوذ الشفافية
نجد اليوم أن الجهات الرقابية على المستوى الدولي تبدي اهتماماً كبيرا بموضوع الشفافية وتدعو إلى إعادة النظر في التشريعات والقواعد والممارسات التي تحكمها بحيث تصبح جزءاً أساسياً من أدبيات الرقابة على المصارف ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحد أهم البنود التي اتفق قادة العالم العشرين حولها في قمة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 في محاولاتهم لاستعادة الاستقرار المالي في العالم تحقيق الشفافية في الأسواق المالية الدولية وضمان الإفصاح الكامل عن وضعها المالي من خلال شركات تقوم بمراجعة أدائها مؤكدين العمل على زيادة الشفافية والمسؤولية في الأسواق المالية العالمية ، فقد اهتم كل الكتاب وعلماء الاقتصاد الإسلامي وأفردوا له حيزاً كبيرا في كتاباتهم وقد تعلمنا منهم أهمية أن تكون للمسلمين أسواق منظمة يمارسون من خلالها التبادل التجاري وكيفية إدارة نظام الحسبة في الأسواق ومراقبة التعاملات ومنع الغش والحث على الأخلاق الحميدة في التعامل والنهي عن المعاملات المحرمة والتوازن في التسعير ومنع الاحتكار والإفصاح عن التعاقدات وهي في معظمها متطلبات ضرورية في مفهوم الشفافية وفيما يعني الشفافية وأهميتها في تعزيز النمو نجد أن النظام المالي الدولي الذي تعمل تحت مظلته كافة البنوك بشقيها التقليدي والإسلامي ظل يعمل بكفاءة عالية لعدة قرون خلال فترة ازدهار الاقتصاد العالمي ولم يتعرض خلالها لاهتزازات كبيرة كالتي تحدث الآن وبالتالي لم تبرز حاجة للنظر في مكوناته التنظيمية(1).
عندما نتحدث عن الشفافية في ظل الأزمة الراهنة علينا أن ندرك أن خطورة تداعيات هذه الأزمة تكمن في زعزعة الثقة بسلامة الأصول وملاءة الشركات المعروضة في الأسواق المالية العالمية حتى بعد تغذية البنوك المركزية للمؤسسات المالية بما يقابل التزامات الديون المضمونة بنسب أعلى من المعتاد للديون الرديئة لذلك تبرز أهمية الشفافية في ظل الأزمة الراهنة لمواجهة تلك التداعيات.

المطلب الثالث : أهمية مؤسستي بريتون وودز "مجموعة البنك الدولي "
تواجه البلدان النامية تحدياً جديداً ناشئاً عن الأزمة المالية العالمية وتقوم مجموعة البنك الدولي حالياً بالمساعدة في إنقاذ الأوضاع المالية وتركيزها على إنقاذ الأوضاع الإنسانية للملايين ممن تخلفوا عن الركب ، لأن أزمتا المواد الغذائية والوقود اللتان وقعتا في الفترة السابقة نتج عنهما إعادة الملايين من البشر إلى براثن الفقر والجوع ، وتشكل الأزمة المالية الحالية خطراً داهماً يهدد بتقليص قدرة الأسواق الصاعدة على النفاذ إلى أسواق التجارة والحصول على الاستثمار، ويتعين أن تفي الحكومات بالتزاماتها تجاه زيادة المعونات إلى الأشخاص الأكثر معاناة(2) ، وقد قررت مجموعة الدول العشرين بأن تمنح البنك والصندوق الدوليين مبلغ 1 تريليون دولار لدعم الدول النامية وكذلك الفقيرة وتتمل أهمية مجموعة البنك الدولي في الفقرتين التاليتين :

الفقرة 1 :استجابة مجموعة البنك الدولي للبلدان النامية
يتخذ البنك الدولي في الوقت الحالي بالفعل إجراءات مهمة لحماية البلدان النامية من آثار الأزمة المالية العالمية التي أثرت على بلدان العالم من ألمانيا وأيسلندا وحتى جنوب أفريقيا وأستراليا ، ويعمل البنك من خلال المؤسسة الدولية للتنمية ومساهمات المانحين التي ستبلغ 42 مليار دولار على مدى السنوات الثلاثة القادمة لأشد بلدان العالم فقرا للتعجيل بالمساندة حصب مقتضى الحاجة ، وتشمل استجابة مجموعة البنك الدولي لهذه الأزمة زيادة القروض إلى البلدان النامية التي ضربتها الأزمة – من المرجح ازدياد الإقراض إلى حوالي ثلاثة أضعاف المستوى البالغ 13.5 مليار دولار في السنة الماضية بحيث يبلغ



أكثر من 35 مليار دولار – فضلاً عن تعجيل خطى تقديم المنح والقروض الطويلة الأجل بدون فوائد إلى 78 بلداً هي أشد بلدان العالم فقراً منها 39 بلدا إفريقيا ، يأتي هذا التحرك عندما رأت مجموعة البنك الدولي أن نمو اقتصاديات البلدان النامية قد يصل إلى 4.5% في العام 2009 ، مقارنةً بالتوقعات السابقة البالغة 6.4% وذلك نتيجة لمزيج من الاضطراب المالي ، وتباطؤ الصادرات ، وهبوط أسعار المواد الأولية وهو يتوقع انكماش اقتصاديات البلدان العالية الدخل بواقع 0.1% في سنة 2009 بينما لن يزيد معدل نمو الاقتصاد العالمي على 0.1%(1).

الفقرة 2: مساعدة مؤسستي بريتون وودز
لقد انعكست إصلاحات السوق في الماضي القريب على الدول الإفريقية بالنفع وهذا مما جعل بالضرورة الإلحاح بإصلاحات شاملة لمؤسستي بريتون وودز ( مجموعة البنك الدولي- وصندوق النقد الدولي) لضمان أن تكون باستطاعتها أن تعكس على نحو أكثر فعالية نظرا للتغيرات الاقتصادية العالمية الحالية وأن تكون أكثر استجابة للتحديات في المستقبل وذلك خلال الإجراءات التي اتخذها بشأن إمكانيات المبادرة إلى صرف أجزاء كبيرة من المعونات المقدمة إلى البلدان المتعاملة مع المؤسسة الدولية للتنمية ، وأيضا في مضاعفة قروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير بواقع ضعفين فمثلا نجد أن البنك الدولي أعلن أنه سيضاعف إقراضه لأغراض الزراعة في أفريقيا عام 2009 من 450 مليون دولار إلى 800 مليون دولار ، كما من المتوقع أن يقدم الصندوق 50 مليار دولار للدول الأكثر فقرا وأن يمنح البنك الدولي 250 مليار دولار للدول المحتاجة والتي هي جزء منه ، وتعزيز التجارة الدولية بمبلغ 250 مليار دولار وهذا حسب قمة مجموعة العشرين التي عقدت في أبريطانيا بتاريخ : 02/04/09(2).

المطلب الرابع : هل مفتاح حل الأزمة بيد الصين؟
بما أن المؤسسات المالية والشركات الصناعية تعاني في هذه الآونة من قلة السيولة اللازمة لعمليات التداول فإن توفيرها بشكل كافي مهما كان المصدر قد يضمن ذلك إعادة عجلة الوضع الاقتصادي إلى حركته الطبيعية إن لم تكن أفضل ، وبما أن كافة الدول التي تضررت بفعل الأزمة المالية بشكل أكبر فإنها قد خصصت من المبالغ المالية ما ترى بأنه علاج لكنها لم تفلح في ذلك بل اشتد الخناق على اقتصادياتها لكن ما هو السبب ؟
السبب في ذلك أن هو الأموال التي خصصت لهذه الخطط لم تكن احتياطات مستغني عنها وهذا هو سبب زيادة الخناق ، كما حدث في USA التي قد يصل عجز ميزانيتها خلال 2009 إلى حوالي 1.2 تريليون دولار ، أما إذا نظرنا إلى الصين التي تمتلك من الاحتياطات ما يقارب 2 تريليون دولار لوجدناها من الممكن لها أن تخصص هذه النقود أو بعضها كخطة لعلاج الأزمة الراهنة أو كقرض لإحدى الدول دون أن يصاب اقتصادها بنفس الدرجة من الضرر التي تصاب به باقي الدول الأخرى التي ليس لها احتياط مالي ، ولنتناول في هذا المبحث الفقرتين التاليتين :
الفقرة 1 : قرض هائــــــــــــــــل الفقرة 2 : عبء مشتـــــــــــــرك

الفقرة 1 : قرض هائـــــل
بما أن الأزمة أصابت النظام المصرفي الأمريكي ثم انتقلت إلى الدول الغربية والعربية وأودت بها إلى افتقار في السيولة ، فإنه من المحتمل أن يكون بيد الصين التي تمتلك احتياطات من العملة الصعبة تتجاوز تريليوني دولار ، أن تحقن اقتصاد العالم بحقنات قد يتعافى إن لم يشفى بسببها مما يشكو منه "تداعيات الأزمة" ، فمثلا إذا ما نظرنا ببساطة لوجدنا الدول الغربية بحاجة إلى المال لإنقاذ نظامها



المصرفي ، والصين تملك المال المطلوب وبالتالي قد تكون المصدر المناسب لمنح هذه الدول ما تحتاجه من مال ، ورغم أن الاقتصاديين الصينيين يعلنون أن الصين على استعداد للقيام بواجبها في حل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة ، لكنها لن تقوم بإصدار شيكات على بياض للدول الغربية حيث يتركز اهتمام المسؤولين الصينيين على حل مشاكل الصين الداخلية مثل تفادي احتمال تباطؤ نموها الاقتصادي وحتى إذا قبلت الصين بحل هذه الأزمة فإنه يرجح أن يكون ذلك مترافقا بسلسلة طويلة من الشروط ، وكانت الصين قد تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من مراكمة احتياطيات هائلة من العملة الصعبة مستفيدة من نمو صادراتها بمعدلات كبيرة(1) .
كما أشارت آخر الإحصاءات التي نشرت أخيراً أن هذه الاحتياطيات تجاوزت 1.9 تريليون دولار " 1900 مليار دولار" وكتب مدير معهد بيترسون للاقتصاد العالمي ومقره الولايات المتحدة في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أخيراً انه يمكن للصين أن تقدم للولايات المتحدة القرض الذي طلبته منها ، والذي يبلغ 500 مليار دولار لإنقاذ نظامها المالي ويقوم الصينيون عمليا بمساعدة الاقتصاد الأميركي منذ عدة سنوات عن طريق شراء الديون الحكومية الأميركية وهو ما ساعد الحكومة الأميركية على الإنفاق أكثر مما تسمح بها إمكاناتها(2).

الفقرة 2 : الصين ... الأزمة عبء مشترك
بما أن الاقتصاد الأمريكي يمر بوضع لا يتحمل أصبح يطلب يد العون من خارجه ، لذا نجد أن الصين مستعدة لأن تقوم بمساعدتها عمليا ، وترى الصين أنه من ممكن لها أن تساعد في معالجة هذا العبء المشترك إلى أن الصين غير قادرة على تحمل كل عبء حل هذه الأزمة وأن على الإقتصادات الصاعدة الأخرى مثل روسيا والهند والبرازيل المشاركة في تحمل هذا العبء ، كما أن الأمر يتعلق أيضا
بوجود الإرادة السياسية لدى القيادة الصينية واستعدادها لوضع الأزمة المالية العالمية على رأس أولوياتها واهتماماتها ، ويبدو أن القيادة الصينية تستبعد ذلك ، إذ صرح عدد من المسؤولين الصينيين بأن على الحكومات الغربية إيجاد حلول لمشاكلها المالية ، وهو ما أكده المسؤولون الصينيين ، كما أنه على البنك الدولي الطلب من الدول الغنية تحمل مسؤولياتها وضمان استقرار الاقتصاد العالمي ، و الصين تجد نفسها على استعداد تام لتحمل واجبها في استقرار النظام المالي العالمي لكن دون تحمل أعباء الأزمة الحالية بأكملها كونها غير مسؤولة عنها ، ونشير هنا أن اهتمام الحكومة الصينية ينصب على إدارة شؤونها الخاصة بطريقة سليمة(3) .
رغم امتلاك الصين لهذا الاحتياطي الهائل من العملات الصعبة " 2 تريليون دولار" فإنها لا تزال بلدا ناميا وتواجه العديد من المشاكل التي تتطلب إيجاد حلول لها ، ومن بين هذه المشاكل ضعف مداخيل أبناء الأرياف والذين يشكلون أكثر من نصف سكان الصين ، حيث أعلنت الحكومة الصينية أنها بصدد مضاعفتها خلال الأعوام الإثني عشر المقبلة ، كما أن الاقتصاد الصيني قد يواجه بعض المشاكل مثل تراجع معدلات النمو الاقتصادي ، رغم عدم تأثرها بالأزمة المالية الحالية بشكل كبير إلا أنه على حكومتها البحث عن أسواق أخرى في العالم للحفاظ على نموها الاقتصادي في المستقبل ، وذلك لما تلعبه من دور كبير في توزيع الثروة في الدول النامية(4).
لو قبلت الصين في المساهمة في حل الأزمة الحالية فإنها ستضع سلسلة طويلة من الشروط السياسية والاقتصادية للقيام بذلك وتتمثل الشروط الاقتصادية والسياسية فيما يلي :



1- الشروط الاقتصادية : عدم وضع قيود على قيامها بشراء أصول شركات أميركية كما حدث في الماضي .
2- الشروط السياسية : نجد أن بعض المراقبين لا يستبعدون أن تضع الصين بعض الشروط السياسية على الولايات المتحدة مقابل المساعدة في حل هذه الأزمة حيث تعارض الصين مثلا صفقة الأسلحة الأميركية الأخيرة لتايوان التي تبلغ قيمتها 6.5 مليارات دولار ، وبما أن العالم في موازين قوى فإنها أصبحت من المحتمل الآن أن تغيير مسارها وبحدوثه نجد أن الصينيين يشعرون بالارتياح إزاء هذا التغير من دون المبالغة في الإعلان عن ذلك لأنهم ا يرون أن الأزمة الحالية تؤكد سلامة نموذجهم الاقتصادي(1) .

نتيجة الفصل : قد يكمن الحل الاقتصادي للأزمة في القضاء على الأسباب الحقيقية والتي تدخل فيها السياسة النقدية الخاطئة في الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها صاحبة العملة العالمية وهذا الامتياز النقدي الذي يعد مخالفة لعلم الاقتصاد والعولمة وهذه المخالفة هي من أوجه مسببات الأزمة وعلاجها يكمن في إصدار عملة عالمية جديدة عبر البنك والصندوق الدولي مع احتفاظ كل دولة بعملتها المحلية ، إذا من المهم أن تجتمع البلدان معاً للتصدي لهذه الأزمة على نحو يتسم بالتنسيق ، ولكن مهما كانت تفاصيل الجهود المتعددة الأطراف فإن المهم هو أن نطاق وحجم هذه المشكلة يتطلب المزيد من العمل الخلاّق ، فليس من الممكن الخضوع لقيود الهيكليات المؤسسية والمناهج المصمّمة للعالم الذي سادت قبل العولمة المالية .

























الخاتمــــــــــــة :
}} يآيهــــا الذين ءامنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون ... {{
بعد اكتمال هذا البحث الموجز عن الأزمة المالية العالمية التي مازال الباحث فيها يجد الكثير من الصعوبات وذلك لقلة توفر المعلومات وعدم وجود مراجع تتحدث عنا لكونها حادثة جديدة ، لكن مع كل تلك الصعوبات جاهدنا قدر المستطاع بشق الأنفس جمع ما أمكن جمعه من معلومات تتحدث عنها ولذا كان جل بحثنا يرتكز بصفة أكبر على الانترنت التي وجدنا أنها هي الوسيلة الأساسية التي تربطنا بالعالم الخارجي - مكان الحدث - ومن خلاله نحصل على التغيرات التي تحدث يوما بعد يوم ، حاولنا من خلال جمعنا للمعلومات أن لا نركز إلا على مصادر موثقة ، أي أن تكون المعلومة صادرة عن خبير أو محلل اقتصادي معروف دوليا مثل : محمد حازم البيبلاوي "أحد أبرز الاقتصاديين و مستشار صندوق النقد العربي " وجوزيف ستيجليتز "خبير اقتصادي بالبنك الدولي" و بيات كابلير"محلل وكاتب يعتبر مرجعا في المسائل الاقتصادية في اسويسرا" و روبرت زوليك "رئيس مجموعة البنك الدولي" ، أو مدير مؤسسة أو شركة دولية مثل : فوتشينكو" رئيس شركة سن أوسي للتنقيب عن النفط الصينية " وسيرجو مارشينيو "رئيس شركة افيات للسيارات الإيطالية " وريك واجونز " الرئيس التنفيذي لجنرال موترز " أو أن تكون المعلومة صادرة عن رئيس دولة أو عن رئيس وزراء أو وزير مالية مثل : جير هاردي " رئيس الوزراء الآيسلندي " وتيموثي جيثنر " وزير النزانة الأمريكية الجديد"
وإذا صحت قراءتنا المبسطة هذه لأسباب وتداعيات ومحاربة أزمة بالغة التعقيد ، يمكننا أن نستنتج منها ثلاث حقائق على جانب كبير من الأهمية:
الحقيقة الأولى: أن الأزمة قد تبدو في ظاهرها مالية - اقتصادية لكنها في جوهرها سياسية - اجتماعية.
الحقيقة الثانية: أن لهذه الأزمة بعدين مرتبطين ومتداخلين لا يمكن فهم أي منهما بمعزل عن الآخر أحدهما يتعلق بالصراع السياسي والاجتماعي الدائر على الساحة الأميركية ، والآخر يتعلق بصراع وموازين القوى العالمية.
الحقيقة الثالثة: من المرجح أن يكون لهذه الأزمة تأثير كبير ليس فقط على هيكل النظام الدولي وموازين القوة فيه ولكن أيضا على مستقبل النظام الرأسمالي نفسه .
التوصيــــــــــــات :
* خلق نظام مالي جديد أكثر عدلا ونزاهة ينقذ العالم ويقوده خلال القرن الواحد والعشرين أو إجراء تعديلات صارمة على أسس النظام الرأسمالي المتمصلح .
* يجب الحد من الإقراض والحد من المبالغة في تقديم قروض لأناس عاجزين عن السداد ، أي أنه يجب أن لا تقدم قروض إلا لمن له القدرة على السداد والوفاء بالالتزامات .
* دعم الصناديق الاستثمارية التي تدعم الدول النامية و الفقيرة ، و التعرف على كافة المعلومات المتعلقة بها ، هل الصندوق سيادي أم احتياط أم استثماري؟ والفترة الزمنية له و الإستراتيجية المتبعة من طرفه.
* تعزيز ونبذ الحماية للتجارة العالمية وكذلك الإقراض بين البنوك لرفع هيكلة المال إلى وضعه الأصلي .
* إنشاء مجلس لرقابة النظام المالي لكي لا يكون هناك خلل في النظام الإداري .
* على البنك أن يقدم خطة لتسير الأموال العائدة تهدف لصالح الدول الفقيرة وتلك السائرة في النمو .
* مراقبة صارمة للمؤسسات المالية التخلي عن السياسة الغامضة التي تدار بها .
* خلق عملة عالمية جديدة مشتركة تقود الاقتصاد العالمي ، مع احتفاظ كل دولة بعملتها المحلية بدلا من التركيز على عملة النظام الرأسمالي " الدولار" .
* أن تستخدم الأموال فيما يضر بالمنفعة على المجتمع ككل و ليس كمصالح شخصية مثل ما يفعل مع الضرائب في الولايات المتحدة أحيانا ، حيث تستخدم في بعض الأحيان لجذب أصوات الناخبين وغيرها .
* الحد من البيع على المكشوف و شراء الأصول والأسهم المتعثرة من داخل السوق المالية .
* بسط نفوذ الشفافية في وكذلك الكفاءة في التعاملات المالية وخاصة المعاملات داخل السوق المالية .




* أما فيما يخص الدول العربية فمن الأفضل لها إنشاء عملة تجمعها مثل ما فعلت جل الدول الأوربية التي خلقت عملة مشتركة لتقود اقتصادها " اليورو" بدلا من تبعية اقتصادها لعملة الغير ، وكفاها من الصمت الذي تعيشه حيال الأزمة ، وكأنها لا تعنيها رغم أن أكثر الدول العربية وأغناها ترتبط عملتها بالدولار غير آبهة بالنتائج أو أنها لا تقدر على الانفكاك منه بفعل الضغوط والتهديدات الأمريكية ، و المواطن العربي ما زال كعادته ، غارقا في سباته وكأنه يعيش في كوكب آخر، وأخشى ما أخشاه أن يستفيق فجأة ، على مصائب وكوارث لا حصر لها ، فالأزمة ليست طارئة ولا عابرة وببساطة لو أن الكونجرس الأمريكي لم يوافق على خطة الإنقاذ الأولى القاضية بشراء ديون الرهن العقاري البالغة قرابة 700 مليار دولار في جلسته الثانية لاستفقنا ، بلا أدنى شك على فوضى عالمية لن يفلت منها أي تشكيل اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي كائنا كان ، ويكفي أن يتخيل الناس حجم الفزع الذي أصاب الأمريكيين عموما حين رفض الكونجرس الموافقة على هذه الخطة في الجلسة الأولى ليدركوا حقيقة المصيبة الاقتصادية العالمية بالنظر لارتباط النظام الاقتصادي العالمي بالدولار الأمريكي .
أرجو أن يكون هذا البحث يسرا لا عسرا على زملائي الطلبة الباحثين مستقبلا ، فما كان من نقص كملوه أو من خطأ أصلحوه ، فقلما يخلص مصنف من الهفوات أو ينجو مؤلف من العثرات وأعتذر عن أي خطأ في هذا البحث واعترف بجهلي وقلة مطالعتي ونقص بحثي ، وفي الختام نرجو من الله العلي القدير أن يرزقني العفو والعافية وصلاح الدنيا والآخرة ويغفر لي ولوالدي ولوالديهم وللمؤمنين والمسلمين كافة إنه سميع مجيب الدعاء وإنه المولى ونعم النصير.








والحمد كله لله الواحد القهار












قائمة المصــــــــــــادر :

الإســــــــــــــم الوظيفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة المصـــــــــــــــــــــــــــــدر
قحطان سلوم المستشار المالي والدو لي www.google.com
بيات كابلر محلل وكاتب يعتبر مرجعا في المسائل الاقتصادية في اسويسرا www.swissinfo.org
جون بيير بيغلان كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف بيكتيت أندكو www.swissinfo.org
د/أكرم حجازي كاتب وباحث أردني www.islamonline.net

حسين نافعي كاتب مصري في جريدة الحياة "يومية –ابريطانية " www.search.com
جوزيف ستيجليتز خبيراقتصادي بالبنك الدولي www.googl.com

ليندا بليميز أستاذ بجامعة هاردفارد الامريكية www.google.com
محمد حازم البيبلاوي أحد أبرز الاقتصاديين و مستشار صندوق النقد العربي www.iid alraid.com
نبيل حشاد رئيس المركز العربي والاستشارات المالية والمصرفية بالقاهرة www.aljazeera.net
آندرو برنز خبير بالبنك الدولي www.albankaldwli.org

بول وولفويتز رئيس مجموعة البنك الدولي www.albankaldwli.org

عبد الله سالم البدري الأمين العام لمنظمة أوبك www.aljazeera.net
فوتشينك رئيس شركة سن أوسي الصينية www.bbcarabic.com

فولفجانج مونشو باحث ومحلل مالي أمريكي www.iid alraid.com
جودة عبد الخالق متخصص في عمليات المصارف الإسلامية www.bbcarabic.com

جيليس مويس خبير الاقتصادي في بنك أوف أمريكا www.aljazeera.net

جير هاردي رئيس الوزراء الأيسلندي www.bbcarabic.com
سرجومارشينو رئيس شركة افيات للسيارات الإيطالية www.bbcarabic.com

بول اكروجمان أستاذ بجامعة برينستون في ولاية نيوجينزري ذات الشهرة العالمية www.bbcarabic.com

انري أنكريم المسؤول الرفيع بمجموعة راسل الاستثمارية الكويتية www.bbcarabic.com
ريك واجونر الرئيس التنفيذي لشركة جنرال موتورز للسيارات الأمريكية www.bbcarabic.com
جستن لين رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية www.albankaldwli.org

هانز تيمر مدير الفريق المعني بالاتجاهات العالمية في مجموعة آفاق التنمية التابعة للبنك الدولي www.albankaldwli.org

روبرت زوليك رئيس مجموعة البنك الدولي www.albankaldwli.org







الإســــــــــــــــــــــــم الوظيفـــــــــــــــــــــــــــــــة المصــــــــــــــــــــــــــــــدر
أوبياجيلي كاترين إيزيكويسيلي نائب الرئيس لشؤون منطقة أفريقيا بالبنك الدولي www.albankaldwli.org
سيلين شارفيريات نائب مدير قسم الرأي والحملات بمنظمة اوكسفام www.albankaldwli.org

كاترين إيزيكويسيلي نائب الرئيس لشؤون منطقة أفريقيا بالبنك الدولي www.albankaldwli.org

عبد الله اطريفي الرئيس التنفيذي للهيئة الخيرية الإماراتية www.google.com

هيديكاي هيغاشي خبير الاستراتيجيا لدى اس ام بي سي فريند سكيورتيز الأمريكية www.google.com

تيموثي جيثنر وزير الخزانة الأمريكية الجديد www.saudiinfocus.com

لارى سامرز المدير الجديد للمجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي www.saudiinfocus.com

آدم بوسن من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي www.saudiinfocus.com

اليستر دارلينج وزير المالية البريطاني www.bbcarabic.com
جيوليو ترمونتي وزير المالية الإيطالي www.aljazeera.net
تارو أسو رئيس الوزراء الياباني www.xinhuanet.com
زيو شاوشوان محافظ البنك المركزي الصيني www.bbcarabic.com

عدنان يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة الإسلامية بدمشق www.google.com

رهاو اكسيجون نائب رئيس جامعة ريمين الصينية www.alqabese.com

يي جانج نائب رئيس البنك المركزي الصيني www.alqabese.com
اندي اكسيي خبير إقتصادي صيني مستقل www.alqabese.com
ويللي ليام مدرس في الجامعة الصينية في هونغ كونغ www.alqabese.com
هاري ريد زعيم الكتلة الجمهورية ميتش ماكونيل www.google.com
توني فراتو المتحدث باسم البيت الأبيض www.bbcarabic.com
عيسى كاظم رئيس مجلس إدارة سوق دبي المالي www.google.com




الصحــــف :
صحيفة الفجر الموريتانية العدد 374 الصـــــــــادر بتاريخ :21/10/08 ص:06
جريدة الشعب الموريتانية _العدد 9116 الصادر بتاريخ :14/02/2009 ص: 10
جريدة القبس الكويتية العدد 12711 الصــــــــــــادر بتاريخ :18/10/08 ص:01










الفهــــــــــــــــــــــــــــــــــرس
ص العنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان ص العنـــــــــــــــــــــــــــــــــــوان
01 الإهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداء 18 الفقرة 4 : سياسة صنــاديق التحـوط
02 كلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة شكـــــــــــــــــــر 20 الفصل الثاني : تداعيات الأزمة المالية العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمية
03 المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة 20 المبحث I : الآثــــــــــــــار الأوليــة
05 الفصل الأول : أسباب الأزمة المالية العالمية 20 المطلب الأول : تراجـــع الأسعــــــار
06 المبحث I : أسباب في خلل النظـام الرأسمالي 21 الفقرة 1 : انخفــاض أسعار النفــــــط
06 المطلب الأول : تعريف النظــــــام الرأسمـــــالــي 22 الفقرة 2 : هل من عمـــلة بديلة للدولار الأمريكي ؟
06 الفقرة 1 : الأهداف وأبرز الشخصيــــــــــــــــــات 23 المطلب الثاني : الأزمة والمصاريف الإسلاميـة
07 الفقرة 2 : أهـــــــــــــــــــم الأنظمـــــــــــــــــــــة 23 الفقرة 1 :الأزمة و المصاريف الإسلامية
07 الفقرة 3 : أشكــــــــــــــــــال الرأسمــــــالـيـــــــة 24 الفقرة 2 : ميــــــــزات البنوك الإسلاميـــــة
08 الفقرة 4 : خصائص النظام الرأسمالـــــــــــــــــــي 24 المبحث II : الآثـــــــــــــــــار الثاـويـــــــــة
08 المطلب الثاني :أساس النظـــــام الرأسمــــــــــالـي 24 المطلب الأول : تراجع البرصات العالميـــة
08 الفقرة 1 : عيوب النظــــــــــــــام الرأسمـــــــــــالي 25 الفقرة 1 : انتقال العــــــــــــــــــــــدوى
09 الفقرة 2 : الإصلاحات التي حدثت للنظـام الرأسمالي 25 الفقرة 2 : التسلسل الزمني لأحداث الأزمـة
09 الفقرة 3 : الجذور الفكرية والعقائديــــــــــــــــــــــة 27 الفقرة 3 : أبرز المؤسسات المتضررة
10 المبحث II : الأسباب السياسيـــــــة والإجتماعيـــة 32 المطلب الثاني : دخول الإقتصاد العالمي مرحلة الركود
11 المطلب الأول : سياســة بوش الابن ... الاقتصاد 32 الفقرة 1 :الركود يصيب اقتصاد USA
11 الفقرة 1 : وصــــــــــــول بوش للرئاســــــــــــــة 33 الفقرة 2 : الركــود يصيب منطقة اليـــــــورو
11 الفقرة 2 : انعكـــــاس سياسة بوش على الإقتصاد 33 المطلب الثاني : الآثار الناجمة عن الإفلاس
12 المطلب الثاني : الإهتمام بالوضــــــــــــــع الخارجـي 34 الفقرة 1 : فقد الثقة بين المؤسسات المالية
12 الفقرة 1 : تكاليـــــــــــف حـــــــــــــرب افغانستــان 34 الفقرة 2 : خروج مؤسسات وشركات من دائرة الوجود
12 الفقرة 2 : تكاليـــــــــــــف حــــــــــــرب العـــــراق 35 الفقرة 3 : توسع طاهرة البطالـــــــــــــــــــة
13 المبحث III : الأسبــــــــــــــاب الإقتصاديـــــــــــــــة 37 المبحث III : الأزمة و البلدان الناميـــــــــــة
14 المطلب الأول : أسبــــــــاب فشل الإدارة الإقتصادية 37 المطلب الأول : آثار الأزمة على البلدان النامية
14 الفقرة 1 : الأسبــــــــاب المتمثلة في قصر الشفافيـــة 38 الفقرة 1 : الركود والبلدان الناميــــــــــــــــة
14 الفقرة 2 : الأسباب المتمثلة في ضعف رقابة السوق 38 الفقرة 2 : أثر الأزمة على النمو البلدان النامية
15 الفقرة 3 : الأسبــــــــــــــاب المتمثلة بأجور المدراء 39 الفقرة 3 : الأفاق المحتملة للبلدان النامية
15 المطلب الثاني : إهمــــــــــــــال الوضع الداخلـــــي 40 الفقرة 4 : أثر تغير الأسعار على البلدان النامية
16 الفقرة 1 : تدهـــــــــــــور أوضــاع سوق السكــــــن 40 المطلب الثاني : الأزمة والمساعدات الخارجية
17 الفقرة 2 : ارتفـــــــــــــاع سعــــــــــر الفائــــــــــدة 41 الفقرة 1 : أثر الأزمة على المساعدات الإفريقية
17 الفقرة 3:الإقراض والمبــــــالغة في تقديم القـروض 41 الفقرة 2 : انعكاس الأزمة على الدول العربيـة





43 الفصل الثالث : محاربة الأزمة المالية العــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمية 53 المطلب الأول : إنشاء صناديق استثماريـــــة
43 المبحث I : تحركات البنوك المركزيـــــــة 53 الفقرة 1 : أهمية تمويل الشركات والمؤسسات المالية
44 المطلب الأول : توفير السيولـــــــــــــــــــة 53 الفقرة 2 : شراء الأسهم المتعثـــــــــرة
44 الفقرة 1 : رأسملة البنـــــــــــــــــــــــوك 54 المطلب الثاني : تحقيق الشفافية في النظام المالي
44 الفقرة 2 : تخفيض سعر الفائـــــــــــــــــدة 54 الفقرة 1 : دور الشفافية في جذب المستثمـــــــر
45 الفقرة 3 : ضمان الودائــــــــــــــــــــــــــــع 55 الفقرة 2 : بسط نفوذ الشفافيـــــــــــــــــــــة
46 المطلب الثاني : مراقبة وإصلاح الهيكل المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالي 55 المطلب الثالث : أهمية مؤسستي بريتون وودز
46 الفقرة 1 : الحد من البيع على المكشــــــوف 55 الفقرة 1 : استجابة مجموعة البنك الدولـــي
47 الفقرة 2 : الحد من مخاطر الإئتمــــــــــان 56 الفقرة 2 : مساعدة مجموعة البنك الدولـــــي
47 الفقرة 3 : تحسين الرقابة على الصناديق الإستثماريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة 56 المطلب الرابع : هل حل الأزمة بيد الصيـــن؟
47 المطلب الثالث : الخطط الدوليــــــــــة 56 الفقرة 1 : قرض هائــــــــــــــــــــــــــــــل
48 الفقرة 1 : شرح الخطتين الأمريكيتيــن 57 الفقرة 2 : الصين ... الأزمة عبء مشتــرك
51 الفقرة 2 : انتقادات خطة أوبامـــــــــــــا 59 الخاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
51 الفقرة 3 : شرح بعض خطط الدوليـــــة 61 قـــــــــــائمة المصـــــــــــادر والمراجــــــع
52 المبحث II : التعاون الدولـــــــــــــــــي 63 الفهــــــــــــــــــــرســــــــــــــــــــــــــــــــة









وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم